الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الزواج من فتاة أدنى مستوى مادياً

السؤال

أريد الزواج من فتاة فقيرة، وأهلي يرفضون الفقيرة، فما العمل؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ خبابة الطيب حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك استشارات الشبكة الإسلامية، فأهلاً وسهلاً ومرحباً بك في موقعك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأله جل وعلا أن يبارك فيك وأن يجعلك من الصالحين المصلين.

وبخصوص ما ورد برسالتك، فإن من نعم الله العظيمة على العبد أن يجعل رحمة وشفقة على من هم دونه، وأن يرزقه التواضع، وأن يعافيه من الكبر والتعالي والغرور؛ لأن هذه الأمراض تجعل الإنسان ينظر إلى نفسه وكأنه من كوكب آخر أو معدن آخر، وكأن الناس ليسوا بشيء، ولا يستحقون أبسط حقوق الحياة، وهذا هو الكبر المحرم الذي لا يحبه الله، ولا يحب أهله، ومسألة الفقر والغنى لا دخل للإنسان فيها، وإنما هي خاضعة لعلم الله وقدرته وحكمته وإرادته، فهو جل وعلا الذي جعل الغني غنياً بقدرته وإرادته، وجعل الفقير فقيراً بعلمه ورحمته وقدرته، حيث قال جل وعلا: ((وَاللَّهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ فِي الرِّزْقِ))[النحل:71] فهذا التفاوت في الأرزاق لا دخل لأي إنسان فيه، وإنما هو محض اختبار وامتحان وابتلاء، والله -جل وعلا- جعل هذا التفاوت اختبارا لعباده ليرى ماذا سيصنع الغني بغناه، وماذا سيصنع الفقير مع فقره، فالكل في امتحان يدري أو لا يدري، حيث قال -جل وعلا-: ((وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ))[الأنبياء:35].

والمفسرون يرون أن الشر هنا إنما هو الفقر، وأن الخير هو إنما هو الغنى، فالغنى فتنة، والفقر فتنة، والله -جل وعلا- يعطي الدنيا لمن يحب ومن لا يحب، إلا أنه لا يعطي الدين والإيمان إلا لمن أحب، وجعل معيار التفاوت والتميز بين العباد إنما هو التقوى وليس المال، حيث قال -جل شأنه-: ((إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ))[الحجرات:13] إلا أنه ومع الأسف الشديد ومنذ الأزل ومعظم الناس يرى أن الغني يجب أن يميز، وأن ينبغي أن لا يصاهر أو يناسب إلا من هو مثله، ويرون من الفقر عيبا وسبة؛ ولذلك يعرضون عن الفقراء ويتكبرون عليهم، وهذا قطعاً من جهلهم وقلة علمهم، وهذا الصنف موجود في كل زمان ومكان مع الأسف الشديد، ونسي الناس أو تناسوا أن التفاضل بالتقوى والاستقامة والعمل الصالح؛ لذا أرى أن تحاول مع أهلك وأن تجهد في إقناعهم، ولا مانع من الاستعانة ببعض الشخصيات التي لها كلمة عندهم، واستعن عليهم بالله.

وأكثر من الدعاء والإلحاح على الله أن يشرح صدورهم لقبول زواجك من هذه الأخت ما دامت صالحة مستقيمة فيها المواصفات الشرعية المطلوبة.

فإن لم يوافق أهلك فابحث عن غيرها ولا تعق والديك أو تقطع رحمك أو تخسر أهلك فهذا محرم شرعاً.

وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً