الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الرغبة الملحة في إبهار الآخرين، كيف أتخلص منها؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا طالب في الثانوية، كل ما في الأمر أني دائمًا ما أرغب في إبهار الآخرين بما لدي من أي شيء، وهذا أمر يضرني جدًا؛ حيث إنني لست ساذجًا لأذهب لأحد وأخبره أني كذا وكذا، بل أريد أن يروا ذلك مصادفة أو باكتشافهم له صدفة، أو ما شابه، فلا أنا الشخص غير المبالي بأن يبهر الآخرين، ولست الشخص الذي دائمًا ما يتحدث عن نفسه، فما علاج هذا؟ وكيف أتغير نفسيًا وفكريًا إلى أن أكون مكتفيًا بذاتي وأمنع هذه الرغبة الملحة دائمًا في إبهار الآخرين؟

شكرًا لوقتكم

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أهلًا بك -ابننا الكريم-، ونسأل الله أن يوفقك في مسيرتك الدراسية والحياتية.

ما ذكرته يعبر عن نضج ورغبة صادقة في تطوير ذاتك، وهذا بحد ذاته مؤشر إيجابي على وعيك بنفسك، واهتمامك بتحقيق التوازن النفسي والفكري.

رغبتك في إبهار الآخرين نابعة من حاجة نفسية طبيعية، وهي الشعور بالتقدير والقبول، لكن عندما تصبح هذه الرغبة ملحة، فقد تؤثر على سلامك الداخلي، وتجعل تقديرك لذاتك مرهونًا بآراء الآخرين؛ مما قد يُسبب القلق أو التوتر.

الخطوات النفسية والفكرية للتغيير:

• ذكّر نفسك بأن قيمتك الحقيقية لا تعتمد على ما يراه الآخرون، بل على إيمانك بنفسك وقدرتك على تحقيق أهدافك.

• اسأل نفسك: "لو لم يكن هناك أحد يراقبني، هل سأظل أفعل هذا؟"، إذا كانت الإجابة نعم، فهذا يعني أنك تعمل بدافع داخلي وليس لإبهار الآخرين.

• اجعل هدفك الأساسي تحقيق رضاك الذاتي وليس السعي لنيل إعجاب الآخرين.

• ركز على التعلم والتحسين بدلًا من التركيز على الانطباعات التي تتركها لدى الآخرين.

• استبدل التفكير في إبهار الآخرين بالتركيز على الإحسان في العمل؛ قال تعالى: "وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ".

• لا يعني التواضع إنكار قدراتك، بل يعني استخدام ما لديك من مهارات بوعي ودون مبالغة.

• احرص على أن تدع أعمالك تتحدث عنك بدلًا من الكلام عنها.

• تذكر الحديث الشريف: "المتشبع بما لم يُعطَ كلابس ثوبي زور" رواه البخاري ومسلم. وهذا يعني أن الإنسان إذا أظهر صفة أمام الآخرين ليست موجودة عنده فهو كمن يلبس ثوب كذب وتهريج.

• خذ وقتًا يوميًا لتقدير إنجازاتك دون الحاجة إلى مشاركتها مع أحد، اكتبها في دفتر يومياتك، وراجعها لتُدرك أنك ناجح بغض النظر عما يظنه الآخرون.

• اجعل هدفك الأكبر نيل رضا الله وليس رضا الناس؛ قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "من التمس رضا الله بسخط الناس رضي الله عنه وأرضى عنه الناس، ومن التمس رضا الناس بسخط الله سخط الله عليه وأسخط عليه الناس" رواه ابن حبان.

خطوات عملية مقترحة:

1. يوميًا، اكتب 3 أشياء تشعر بالامتنان تجاهها دون أن تشاركها مع أحد.
2. ضع لنفسك أهدافًا محددة واعمل عليها بعيدًا عن أعين الآخرين.
3. عند تحقيق إنجاز، قل: "الحمد لله الذي أعانني"، بدلًا من محاولة جذب انتباه الآخرين.
4.ركز على تعلم أمور جديدة لنفسك فقط، وليس بغرض إظهارها.

تذكر أن تحقيق الكمال صعب، والإنسان بطبيعته يحب أن يُقدَّر، لكن الموازنة هي الحل، والعمل بوعي يساعدك على التحكم في هذه الرغبة، استمر في السعي لتطوير نفسك، واجعل نيتك لله خالصة، وسترى كيف أن هذا التغيير سيُثمر عن سلام داخلي ورضا ذاتي.

وفقك الله، وسدد خطاك.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً