السؤال
السلام عليكم.
أنا طالب طب من الأردن, أدرس في الجزائر، لا أعرف من أين أبدأ!
بدأت مشكلتي قبل 3 سنوات، عندما أتيت للجزائر, وكنت أحمل طموحات كثيرة لأحققها في دراستي ومستقبلي، وكان عامي الأول رائعًا، وفي عامي الثاني قررت أن أزيد مجهودي وأبتعد عن الناس, وأتفرغ كليًا لدراستي من حبي لها، وقد أجهدت نفسي بشكل كبير، وضخمت الأمور السلبية في نفسي، وخاصة أنني لم أجد في محيطي من أشعر أنه سيساعدني لأتقدم للأمام.
وفي آخر العام كنت قد أنهكت نفسيًا بشكل كبير، وفقدت إحساسي بقلبي تمامًا وبنفسي، حيث إنني أهملت نفسي بشكل كبير، ونسيت الاهتمام بها، وعندما عدت لبلدي أحسست بشعور غريب - كأني في عالم آخر - وكنت أشعر بالإحباط بشكل كبير جدًا، ورأيت الحياة كاملة فاستحمقت نفسي لما فعلت بها حتى وصلت لهذه الدرجة!
وعندما رجعت للجزائر أصابتني حالة قلق غير طبيعية أبدًا، وأحسست فيها أن أحشائي تتقطع؛ وسببه عدم شعوري بالأمان والوحدة، وقد حاولت أن أرجع لمن حولي، ولكنني كنت فاقدًا إحساسي بقلبي ومشاعري تجاه الناس، وكأنني أتحدث من عقلي, وليس من نفسي كما كنت سابقًا، وأنا أعلم أن هذا ليس هو الشعور الطبيعي للإنسان.
وبعدها بدأ يزيد عندي القلق، وعدم قدرتي على التخلص منه، وفقدت ثقتي بنفسي تمامًا, وضعفت ذاكرتي بشكل كبير وضعف تركيزي، حتى عندما أتحدث مع الناس، فذهبت لأستاذ الطب النفسي لدينا في الجامعة، وأخبرني أني أعاني من حالة تسمى ( burn out )، وبدأت بأخذ حبة بروزاك وسوليان 100 غرام، حيث أخبرني أستاذي في الجامعة بأن السوليان بكميات قليلة يزيد إفراز الدوبامين في الدماغ، ويعطي الإنسان القدرة على التفكير, ويمنحه الطاقة، وخاصة أني كنت أحس - وإلى الآن - بشلل في تفكيري، وعدم القدرة على التحكم بأفكاري.
وعندما أكون في الغربة يبقى عندي هذا القلق غير المبرر من الوحدة، وإحساسي أن الجميع أفضل مني، مع أن عندي إيجابيات كثيرة، لكنني لا أستطيع تركيز فكري عليها، مع أني تحسنت من الدواء، وها قد مرت 3 سنوات وحالتي بين العادية والسيئة جدًا، حتى أنني حاولت أكثر من مرة أن أصلي وأتقرب من الله ليعاونني، لكنني لا أحس بأي شيء؛ لأنني فاقد الإحساس بروحي ونفسي، وأقسم بالله أنني كنت أفكر بالانتحار كثيرًا، وخاصة هذا العام؛ لأنني يئست جدًا من حالتي، وخاصة من عدم قدرتي على التفكير بشكل كبير جدًا.
وقد رجعت لبلدي الآن بعد نجاحي بالسنة الثالثة؛ وذلك بعد أن رسبت فيها لعامين متتاليين، علمًا أنني كنت من الأوائل قبل هذه الحالة؛ وذلك بسبب ضعف ذاكرتي الشديد، والضياع الذي أحس فيه، وتفكيري في المستقبل وأهدافي، مع أنها حاليًا غير واضحة أمامي؛ لأني لا أجد المتعة بأي شيء، والماضي أيضًا أراه أسود قاتمًا، ولا أستطيع العيش في الحاضر، هذا عدا تصرفاتي غير المسؤولة، وعدم اهتمامي بنفسي، أو بالأحرى عدم قدرتي على الاهتمام وإدارة أموري وأنا بهذا الحال.
وعندما رجعت للأردن أحسست بتحسن نوعًا ما، وما زال عدم شعوري بمشاعري وقلبي وضعف نفسي موجودًا، وقد ذهبت لطبيب هنا وأخبرته بحالتي، فأخبرني بأن أزيد السوليان لغاية 200 مع يوميًا، وأتناول حبتين بروزاك، وحبة فالدوكسان، وأخبرني أن هذا الأخير يساعدني على استرجاع إحساسي بقلبي ومشاعري تجاه الناس، ولقد بدأت بتناول الدواءين الأولين، ولكني لم أستطع شراء الأخير لغلاء ثمنه، وخاصة أن أهلي غير متعاونين معي أبدًا، ويخبرونني أني متوهم لا أكثر، ولا يعلمون الضياع والحلقة المفرغة التي أنا موجود فيها، هذا عدا أنني لا أرغب بعمل أي شيء، ولا أحس بأي طاقة.
أرجوكم ساعدوني، وأعطوني الطريقة التي أستطيع الخروج منها, لأرجع إنسانًا طبيعيًا كالسابق، مع العلم أني قبل أن أمرض كنت إنسانًا قوي الشخصية بشكل كبير، وواثقًا من نفسي، وهذا ما دفعني للابتعاد عن الناس؛ لأنني أحسست بثقة كبيرة أنني أستطيع أن أدير أموري كلها وحدي، وأنا الآن لا أحس بنفسي أصلاً، وأنا سوف أبقى عند أهلي 3 أشهر، ساعدني - يا دكتور - على أن أرجع لدراستي وأنا بكامل قوتي النفسية ونشاطي، وفي النهاية أنا آسف جدًا للإطالة، وعدم تنظيم الموضوع؛ لأني بصراحة أجد صعوبة كبيرة في إلقاء ما في ذهني.
أرجوك – دكتور - ساعدني، وأعطني كل ما يجب أن أفعله لأخرج من هذه الحالة، وخاصة أنني لا أجد أي شيء أستمتع به أبدًا، ولا أستطيع أن أحدد ماذا أريد من هذه الحياة! وأنا أريد الآن أن أرجع لطبيعتي فقط, وأن أستطيع الدفاع عن نفسي أمام الناس كما كنت سابقًا؛ حيث إنني أتعرض حاليًا للكثير من الانتقادات على لا مبالاتي وتصرفاتي غير المنظمة، وأحس نفسي أبلهًا.
جزاكم الله خيرًا.