الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

قررنا الابتعاد عن بعضنا حتى الزواج..فهل ستظل الثقة باقية بيننا؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا الآن في حالة نفسية صعبة، حيث تطرح أمامي العديد من التساؤلات حول مستقبلي القريب، أحب فتاة منذ أن كنا في سن السابعة عشرة، وبعد مرور أربع سنوات خشينا من أنفسنا ومن إغواء الشيطان الذي قد يزين لنا الطريق نحو الفاحشة، وبحكم حبنا الشديد لبعضنا، لا نريد أن نرتكب الحرام، ونسعى للصبر حتى نجتمع في الحلال بإذن الله.

كوني الآن طالب هندسة، تبقى لي ثلاث سنوات على التخرج، وقررنا أن نبتعد مؤقتًا عن بعضنا ونعف أنفسنا، وندعوا الله أن يجمعنا في ما يرضيه.

سؤالي: هل الأخذ بهذا الطريق مع نيتنا الصافية للاجتماع تحت إطار الزواج في المستقبل القريب بإذن الله كافٍ لاستمرار الثقة بيننا رغم انقطاع التواصل لفترة زمنية معينة، أم يجب أن أقوم بخطوات أخرى تعزز هذه النية وتضمن لنا استقرارًا نفسيًا؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ حسن حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أخونا الكريم: نسأل الله أن يرزقك السكينة والثبات في هذا الموقف الحساس. واضح أنك تعيش تحديًا كبيرًا فيما يتعلق بمستقبلك العاطفي وعلاقتك بالفتاة التي تحبها، قرارك بالابتعاد مؤقتًا حفاظًا على علاقتكما من الفاحشة، وانتظار الزواج الحلال، هو قرار يدل على نضجك وحرصك على طاعة الله، قال الله تعالى: (والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا)، (العنكبوت: 69)، ويعني هذا أن الله يوفق من يسعى إليه بالنية الصادقة والطريق المستقيم.

الخطوة التي اتخذتها بقرار الابتعاد لفترة مؤقتة هي خطوة جيدة تعكس وعيكما بضرورة الحفاظ على طهارة العلاقة، والابتعاد هو مجاهدة النفس، والابتعاد عن الزلل الذي قد يزينه الشيطان، وهذه خطوة تحتاج إلى صبر كبير، لكن ما دمتما تتبعان ما يرضي الله، فإنكما على خير، قال النبي ﷺ: (من يتصبر يصبره الله، وما أعطي أحد عطاءً خيرًا وأوسع من الصبر) رواه البخاري ومسلم.

لتدعيم نيتكما الصافية ولضمان مستقبل مستقر بينكما، هناك عدة خطوات يمكنك التفكير فيها:
1. عليك بالاستخارة والدعاء بأن يختار الله لكما الخير، وأن يبعد عنكما الشر، الدعاء يمنحك راحة نفسية، وطمأنينة قلبية، ويزيد من يقينك بأن الله سيدبر لكما الأمور على الوجه الأفضل.

2. إذا كانت الظروف مناسبة لك ولها ولأسرتيكما؛ فإن الخطبة قد تكون خطوة جيدة تضمن لكما الاستمرار في التواصل ضمن إطار شرعي ومحترم، مع الخطبة يمكنكما أن تبقيا على التواصل المحدود، مع الحذر من الخلوة، أو تجاوز الحدود التي حددها الإسلام في العلاقات قبل الزواج، هذا التواصل المحترم خلال الخطبة يمكن أن يساعد في الحفاظ على علاقتكما بشكل صحي حتى يأتي الوقت المناسب للزواج.

3. بما أنك طالب هندسة وتبقى لك ثلاث سنوات على التخرج؛ فمن الحكمة أن تستغل هذه الفترة في التركيز على دراستك وتحقيق التميز، التفوق في الدراسة سيساهم في تحسين مستقبلك المهني، ويمنحك الاستعداد المادي والنفسي للزواج وتكوين أسرة مستقرة.

4. الصبر هو مفتاح النجاح في هذه المرحلة، قال الله تعالى: (إن الله مع الصابرين) (البقرة: 153)، هذا الوقت هو اختبار لكما، وإذا اجتزتماه بالالتزام والصبر؛ فإن علاقتكما ستكون أقوى وستبنى على أسس سليمة.

5. إن كنت تشعر بصعوبة في التحكم في شهواتك، أو كانت الشهوة الجنسية تشكل تحديًا لك، فإن النبي ﷺ أوصى بالصيام في مثل هذه الحالات، قال النبي ﷺ: (يا معشر الشباب، من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم، فإنه له وجاء) رواه البخاري ومسلم.
الصيام يساعد في تهذيب النفس وتقليل الرغبة الجنسية، ويعزز من قدرتك على الصبر والتحكم في المشاعر، فالصيام هنا يعمل كفطام نفسي للصائم.

6. لضمان الاستقرار النفسي لك ولها خلال هذه الفترة، من المهم أن تركّز على تنمية نفسك روحيًا وعقليًا، استمر في التقرب إلى الله من خلال الصلاة، وقراءة القرآن، وذكر الله كثيرًا؛ فهذا سيمنحك طمأنينة داخلية ويقينًا بأن الله يدبر لكما الخير، قال النبي ﷺ: (احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك) رواه الترمذي. التزامك بأوامر الله سيكون السبب الرئيسي في أن يفتح الله لكما أبواب الخير.

في الختام: نذكرك بقول الله تعالى: (ومن يتق الله يجعل له مخرجًا ويرزقه من حيث لا يحتسب) (الطلاق: 2-3)، فالثقة بالله هي الأساس، إذا كانت نيتكما خالصة وصافية؛ فإن الله سيوفقكما للزواج في الوقت المناسب، ويجعل لكما من كل ضيق مخرجًا.

نسأل الله أن يرزقكما الصبر والثبات، وأن يجمعكما على طاعته في الحلال، ويرزقكما الخير في الدنيا والآخرة.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً