الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

زوجي طيب وكريم لكنه بذيء اللسان، فكيف أتصرف معه؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاكم الله خير الجزاء عن كل كلمة تكتبونها.

كيف أقدر أن أصبر وأتحمل ألفاظ زوجي البذيئة؟ فنحن متزوجان منذ 15 سنة، ولدينا أطفال، وتكثر النقاشات بيننا على أشياء تافهة، فيتكلم بألفاظ بذيئة قذرة لدرجة أني أكره حياتي معه وأكره نفسي، ومما يقوله: عزي نفسك، واخرجي من بيتي، أو أنت تحت النعال، وبعدها يعتذر، فهو إنسان يكبر المواضيع ويفرض رجولته وسيطرته على كل شيء.

هو يحب أبناءه، وكريم معهم ومعي إذا طلبت شيئا عندما يكون راضيا ومرتاحا، لكن عندما نتناقش في موضوع أصحابه وسفراته وخروجه وجواله تبدأ المشاكل والكلمات الجارحة.

وصلت مرحلة لا أتحمل، لذلك طلبت منه الطلاق، لكنه رفض، فقررت الاستخارة في مسألة حياتي معه أو الانفصال عنه، فقال: أنه موافق على كل شيء أفعله، فأنا أريد أن يفهم أني لن أتحمل أكثر مما تحملت.

آخر مشكلة بيننا حدثت بسبب ذهابه مع أصحابه ثلاثة أيام، ثم رجع واعتذر لي وقبل رأسي وعزمني على مقهى، وقال أنه لا يستطيع الاستغناء عني، وأنه يحبني ويحترمني، لكني لا أقدر على مسامحته.

أرجو منكم المساعدة، وشكرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أم عبد الله حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

- اعلمي -وفقك الله- إنه لا يسلم بيت من خلافات عائلية؛ لأن طبيعة الأنفس تختلف، كما أن الإنسان يتعرض لأسباب وظروف تجعله يختلف مع غيره، ولكن العاقل من يحاول أن يتفهم الخلاف ويسعى في علاجه، أو الصبر عليه حتى يذهب سببه.

وبخصوص مشكلتك مع زوجك:
- ننصحك بالصبر والتريث في طلب الفراق طالما لديكم أولاد، ولديه صفات جيدة كما تقولين.

- ويمكنك معالجة المشكلة من خلال معرفة أسباب تصرفاته تلك: فقد يكون عنده مشكلة نفسية، أو يتناول مع أصدقائه أشياء لها تأثير على نفسياته وسلوكه خاصة أنه يرتاد المقاهي، ويمكنك معرفة ذلك من خلال معرفة أصحابه وأصدقائه بطريقة غير مباشرة وبدون علمه، كما يمكنك معالجة هذه التصرفات لديه من خلال إبعاده عن أسبابها لو اتضحت لك.

- كما ننصحك بالابتعاد عن مناقشته أو الحوار معه أثناء غضبه أو عدم هدوئه، بل عليك قطع الخلاف معه بالانسحاب من النقاش فورا عند بداية الخلاف، وعدم مجادلته خاصة إذا كان عصبيا، أو سريع الغضب حتى يهدأ، ثم استئناف الحوار معه.

- وفي ظني أن المرأة العاقلة اللبيبة لديها من المشاعر والعواطف والأساليب المؤثرة على زوجها الشيء الكثير لو فكرت في استخدامها؛ ذلك أن الرجل يتأثر بالمشاعر والعواطف التي تستخدمها زوجته، أكثر من تأثره بالجدال والنقاش العقلي.

- فحاولي تغيير طريقة نقاشك معه واكسبيه بالأسلوب العاطفي، وبمشاعرك الفياضة نحوه؛ وستجدين منه انقيادا وتأثرا، كما أن إشعارك له بالحنان والحب والعطف والاحترام كرجل -مهما صدر منه من أخطاء في حقك- سيدفعه ذلك إلى تغيير في تعامله معك، ويستحي من الخطأ في حقك كلما قابلتيه بالإحسان، قال سبحانه وتعالى: ﴿وَلا تَستَوِي الحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادفَع بِالَّتي هِيَ أَحسَنُ فَإِذَا الَّذي بَينَكَ وَبَينَهُ عَداوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَميمٌ﴾.[فصلت: 34].

- وطالما أبدى لك اعترافا وعذرا، فأنصحك أن تستغلي عودته إليك واعتذاره منك وكلامه الطيب معك في فتح صفحة جديدة معه، وفقا للنصائح أعلاه، وإن شاء الله يتغير حاله معك للأفضل ولو بالتدرج.

- كما أنصحكم جميعا بأن يكون لكم نصيب من الطاعات والأعمال الصالحة في بيتكم ومع أولادكم من صلاة نافلة وقراءة القرآن ومحافظة على الأذكار وكثرة الاستغفار والصدقة، فإن البيوت التي تمارس فيها الركعات والأعمال الصالحة يسودها الحب والوئام بين أفرادها، ويبتعد عنهم نزغات الشيطان، والبيوت الفقيرة من الطاعات والأعمال الصالحة وقراءة القرآن الكريم والأذكار، يعشعش فيها الشيطان ويوقع العداوة والبغضاء بين أهلها، فابتعدوا عن المعاصي، واعمروا بيتكم بالطاعة والذكر وستجدون أثر ذلك قريبا -بإذن الله-.

أسأل أن يصلح حالكم وييسر أمركم، ويوفقكم لما يحب ويرضى.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً