السؤال
السلام عليكم.
انتصف عقدي الثالث من العمر، وأدرس بالخارج، وأحضر لاختبار القبول للتخصص، وهو غير اختبار اللغة، الاختبار ليس سهلاً لأهل اللغة فضلاً عن الأجانب.
تخللت فترة دراستي بالخارج ظروف قاسية نوعاً ما، ومع ذلك كانت خيراً، وبفضل الله خرجت منها بأقل الضرر.
صرت أمر بفترة ضعف وانهزام، ولم أستطع الخلاص منها بالكلية، وأشعر أني أصبحت هشة، ولم أكن كذلك.
أعلم أن الظروف منها ما يسخرها الله لتقوية الإنسان، وكل ما زاد الإنسان قوة كان الابتلاء موازياً لتلك القوة، فاللطيف لا يحمّل نفساً ما لا طاقة لها به.
أحياناً لا أعلم ما علتي بالتحديد؟ حتى أستطيع السيطرة عليها وحلها، وأحياناً أخرى أعلم بها لكن أعجز عن حلها.
لذلك أنا أكتب هذه الأسطر طلباً للمساعدة لعل الله يجري بقلمك ما يخرجني من دوامة المعاركة التي أخوضها مع نفسي، والله أعلم بعد بداية حضوري للدورة للتحضير للاختبار أُحبطت إحباطاً شديداً لصعوبة اللغة المستخدمة، والطريقة التي وضعت بها الأسئلة.
تجاهلت ذلك الشعور، وبدأت بالدراسة والترجمة، بعد فترة من ترددي بين قوة وضعف عزيمة.
بدأت أفقد السيطرة على نفسي، فعقلي أصبح يتهرب من المذاكرة بشكل أريد أن أبكي منه، ولم أستطع! فمثلاً عندما أحاول أن أدرس أشعر بجوع وشهية عجيبة للأكل وبالأصل لست كذلك، أعلم أنه ليس بجوع بل تهرب.
أحياناً أخرى أقول لنفسي لا إشكال، أنا ضغطت على نفسي كثيراً فأحتاج لبعض الراحة ثم تأخذ تلك الراحة يوماً كاملاً بصفر فائدة، يضيع اليوم على أفلام أو مسلسلات أجنبية بحجة تقوية اللغة التي أدرسها، وأعلم أنه تهرّب أيضاً، وأحياناً كثيرة وكثيرة جداً يداهمني سرحان قاتل، وهو أيضاً تهرّب!
أصبحت فاقدة للسيطرة على نفسي، وأصبحت نفسي تتهرب وتتملص مما أنا بصدده.
رؤيتي وهدفي بحياتي:
أريد أن أتعلم وأتعلم علماً عميقاً وعظيماً حتى أجعل من يستمع لي ويسمع عني يفتخر أنه ينتمي لأهل السنة والجماعة، كما كنت يوماً ما أزهو على أهل الباطل من أن أحدهم كان من أهل السنة والجماعة -بفضل الله- ثم بسعة علمه واطلاعه وثقافته ورسوخه، كان كمنارة سراجها منير في ظلمات بعضها فوق بعض.
أريد أن أصبح مثل السلف الصالح في شغفهم في طلب العلم بلا كلل أو ملل، أريد أن أقضي الساعات الطوال منكبة على تحصيل العلوم بدون أن أفقد سيطرتي على نفسي. فكيف لي ذلك؟
أرى أني جزء من أمة، وجزء عظيم أيضاً، كوني أتمتع وبفضل من الكريم، بفهم لعلوم مختلفة، ورجاحة عقل من سن مبكرة، وحب عظيم لتحصيل العلوم، ولعلها هبة من الوهاب تستحق الشكر الكثير، وأيضاً هي بنفس الوقت تكليف للقيام بدوري الذي أُنطت به جراء تلك الهبة.
ما أريده هو أن يكون لي دور فعال وعظيم في وقت ضعف فيه المسلمين، وكثير منهم بحال لا يسر من هوان وسطحية وضحالة فهم وعلم.
هل كان السلف يمرون بحالات من تراخي وتقهقر عن طلب العلم؟ إن كانوا كذلك فكيف يصنعون حتى يعودوا لطبيعة حالهم؟ لأني عندما أقرأ في تراجمهم أرى العجب العجاب، من قلة نوم وكثرة مذاكرة وعبادة، وجد واجتهاد بطلب العلم وتعليمه، حتى إن بعضهم تمر عليه أيام لا ينام سوى غفوات.
عندما أقرأ سيرهم، تارة أُشحن بحماس وعزيمة وأخرى ألوم نفسي علي ضعف العزيمة التي أنا بها، أتمنى أن يكون سؤالي واضحاً.
جزيتم خير الجزاء.