السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته...
سيدي المستشار كل ما أرجوه أن أوفق في صياغة مشكلتي، فهي متشعبة تمس أكثر من جانب من جوانب حياتي، سيدي مشكلتي هذه أتلظى بنارها منذ نعومة أظفاري.
أنا فتاة عمري 24 سنة، شاء الله أن أكون شخصية حساسة مرهفة، تنتبه إلى أدق التفاصيل فيما يختص بالتعامل مع الناس، أنتبه إلى تعبيراتهم ونبراتهم وأسلوبهم، وهذا حمل ثقيل على نفسي ومن هنا أصبحت شخصية خجولة جداً، لا يظهر خجلي أمام الناس وارتباكي لا أحد يلاحظه سواي، وحينما أكون مع أشخاص بعينهم يتعمق هذا الشعور وأصاب بإحباط شديد، وأجلس بينهم كالأثاث.
المشكلة أن هذا الإحساس المؤلم الذي أشعر معه بضرورة الانسحاب من المكان، يأتيني حين أكون مع أمي وأهلها، في الحقيقة هم شخصيات تحب السيطرة نوعاً ما، ولا يستمعون لمن هم أصغر سناً منهم، ويحبون إبراز ذواتهم في كل شيء، لباقتهم لا تظهر إلا مع الناس، فالناس هم جل اهتمامهم.
وهناك شيء آخر يضايقني في الحديث معهم، هو أنني عشت وتربيت في منطقة غير منطقتهم، فحينما أتحدث تغلب علي لهجة تلك المنطقة، فيبدأون بالتعليق ويشعرونني بالاستياء رغم محدودية كلماتي التي أنطق بها عندهم، أتمنى لو أصل إلى درجة من الثقة بالنفس، لا أعيرهم فيها اهتماما، ولكن -الحمد لله على كل حال-، أريد أن أصبح عذبة الحديث، أتحدث بنفس واحدة دون محاولة اجتزاء الكلام وتقصيره قدر الإمكان،أنا متيقنة أنني ذكية وموهوبة، لكنني أمام الناس أظهر بمظهر الشخص البليد، فلا يعيرونني اهتماماً.
وشيء آخر يضايقني وهو أنني أتمنى أن أنصح من حولي، ولكن يسيطر علي خوف وارتباك شديد بمجرد التفكير فقط، لا أريد أن يصبح الناس أكبر همي، ولكنها شخصيتي المتأصلة منذ الطفولة، في الحقيقة كل الناس في كفة ووالدتي في كفة أخرى، أتمنى لو أنها تفهمني وتستمع إلي وتحب حديثي، إنها لا تفكر في ذلك، وحين أصارحها بعد جهد جهيد تنفعل وتعتبر كلامي إساءة، رغم أنني -والله- أنتقي أطيب القول معها، لقد يئست منها، ما يزعجني أن هذا يؤثر بشدة على تعاملي معها، فأحاول بطريقة غير مباشرة أن أنتقم لنفسي إما بالعناد أو عدم اللباقة في حديثي معها، وأعرف أن هذا محرم شرعاً، لقد تعبت من نفسي حقا، أصبحت أكره الذهاب لزيارة أهل أمي لهذا السبب، هم أناس هزليون جداً، وأنا لا تناسبني هذه الشخصيات.
المشكلة أنني بدأت أكرههم، أحاول السيطرة على مشاعري بلا جدوى فهي قوية جداً، و تؤثر علي بشكل لا أملك السيطرة عليه، ما يزعجني حقا هو أنني لا أتعامل مع الناس بأريحية، وقد أرتكب الحماقات بسبب ارتباكي، ولا أظهر أمامهم بطبيعتي، بل أتكلف وأشعر بإجهاد شديد، بعدها تعبت من شخصيتي الغريبة، أشعر بحزن عميق إذا لم يستمع لي محدثي، وأتضايق من سماع حديثه، وأفقد الرغبة في المواصلة وأنتقم من هؤلاء بقطع العلاقة، أو بجعلها رسمية جداً.
أتمنى لو يتغير الوضع برمته، وأعيش حياتي بسعادة بدون وساوس وقلق واكتئاب، والتي تؤثر على نومي كثيراً، أتمنى لو أكون غير مبالية من ناحية الناس، وأن أشتغل فيما ينفعني، وأن أسامح الناس من صميم قلبي، أتمنى لو أستطيع إظهار أفكاري ومبادئي أمامهم بكل جرأة، حتى لو انتقدوني، وأن أكون جريئة في الحق، ولكن هيهات وأنا على تلكم الحال، حاولت مراراً أن أتغير وأتدرب بيني وبين نفسي على قول ما أريده، في الحقيقة لا أنكر أني نجحت جزئيا مع الناس، خارج أمي وعائلتها، ولقد كنت أظن في السابق أن الجميع على شاكلتهم و أن الجميع لن يرحبوا بالحديث معي والاستماع إلي، وسيشعرون بالضجر من حديثي، ولكنني اكتشفت غير ذلك، وأصبحت أرتاح مع بعض الأشخاص.
ولكن المشكلة مع أهل أمي، فأنا بالفعل أمل من الجلوس معهم وأشعر بضيق شديد بمجرد أن أجتمع بهم، هم يريدونني مؤيدة و مصفقة لما يقولون لا أكثر، وأنا أكره الشخصية التي تطبل للآخرين، وإن كانوا على خطأ، أريد أن أكون صريحة وواضحة، المشكلة أن أمي بمجرد أن تجتمع بأهلها تتغير معاملتها لنا، وتصبح شديدة علينا، وتجاملىأهلها وتتجاهلنا ولا تعيرنا اهتماما، وكأنها مستغنية عنا، لقد أصبحت بحق أكره زيارتهم لكل تلك الأسباب، وبسبب تغير أمي.
لقد صبرت على هذا الوضع كثيراً، لكنه أصبح لا يطاق، المشكلة أنهم يظنون أنفسهم مرحين، وهم في الحقيقة لا يجيدون سوى الاستهزاء والهزل في كل شيء، وهم ﻻ يحترمون بعضهم وعلاقاتهم متوترة، وأنا لا أطيق البقاء بينهم لدقيقة، أتمنى أن أسامحهم من كل قلبي، وأن لا أتضايق من وجودي بينهم.
شكراً، وأعلم أنني أتعبتك بقراءة رسالتي.