الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الواجب في تأخير قضاء الصوم لعذر أو لغير عذر

السؤال

أفطرت في رمضان قبل 6 سنوات لمدة 16 يومًا بسبب الدراسة؛ لأني عندما أدرس وأصوم، أتعب جدًا إلى درجة انخفاض الضغط، والإغماء، وعدم الشعور بمن حولي من المغرب إلى اليوم التالي.
بعد ذلك، لم أستطع قضاء هذه الأيام لمدة 6 سنوات بسبب استمراري في الدراسة، حتى أصبح مجموع ما عليَّ من صيام 30 يومًا. علماً أني في السنة الفائتة صمت 13 يومًا، ولم أستطع إكمال الصيام، وأحاول الآن إكمال صيامي هذا العام. فما حكم تأخير قضاء الصيام لهذه السنوات، علمًا أن التأخير كان خارج إرادتي؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن مكابدة الدراسة وتعبها المعتاد ليست عذرًا كافيًا مبيحًا للفطر في نهار رمضان، ما لم تلحق الصائم مشقة غير محتملة مع حاجته لمواصلة الدراسة. ولمزيد الفائدة يمكن مراجعة الفتويين: 126647، 141180.

وهذا على نحو حكم صيام أصحاب الأعمال الشاقة، فالأصل هو وجوب الصوم عليهم، فإن استطاعوا أن يجعلوا عملهم بالليل فعلوا، وإلا بحثوا عن عمل لا يشق عليهم الصوم معه، فإن لم يكن لهم بد من هذا العمل في نهار رمضان؛ فالواجب عليهم أن يبيتوا نية الصوم، فإن تضرروا بالصوم ضررًا غير معتاد، فلهم أن يفطروا بقدر ما يدفعون به الضرر عن أنفسهم، ثم عليهم قضاء ما يفطرونه من الأيام عند قدرتهم على ذلك، كما سبق بيانه في الفتويين: 55127، 139827.

وبصفة عامة؛ فإن الصائم إذا لحقته مشقة غير معتادة يصعب احتمالها، أبيح له الفطر، كما سبق بيانه في الفتوى: 336016.

ومن أفطر لعذر معتبر -كالعجز عن إتمام الصوم، أو لمرض-، فلا يأثم، وعليه قضاء الأيام التي أفطرها، فإن أخر القضاء لعذر؛ لزمه القضاء فقط بعد زوال عذره، ولا شيء عليه.

أما إذا أخر القضاء من دون عذر حتى دخل رمضان آخر، أثم، ووجب عليه مع القضاء كفارة إطعام مسكين عن كل يوم.

قال ابن قدامة في المغني: ولا يجوز له تأخير القضاء إلى رمضان آخر من غير عذر؛ لأن عائشة -رضي الله عنها- لم تؤخره إلى ذلك، ولو أمكنها لأخرته، ولأن الصوم عبادة متكررة، فلم يجز تأخير الأولى عن الثانية، كالصلوات المفروضة، فإن أخره عن رمضان آخر نظرنا؛ فإن كان لعذر، فليس عليه إلا القضاء، وإن كان لغير عذر، فعليه مع القضاء إطعام مسكين لكل يوم. انتهى.

وعليه؛ فإن تأخيرك القضاء كل هذه المدة إن كان لعذر -كما هو الظاهر- فليس عليك إلا القضاء، إن قدرت عليه، وإن كان لغير عذر، فلا يجوز، وتأثمين بذلك، ويلزمك القضاء وإطعام مسكين عن كل يوم، ولو أخرتِ القضاء إلى أن دخل رمضان الثاني أو الثالث أو أكثر من ذلك، فلا يتكرر هذا الإطعام.

وعليك أن تتحيني الأوقات المناسبة التي تتمكنين فيها من قضاء ما عليك من الأيام، ومن المعلوم أن الدراسة لا تستمر طوال العام؛ بل تتخللها إجازات يمكنك القضاء فيها، فعليك المبادرة إلى القضاء والكفارة -إن لزمتك حسبما سبق- وعدم التأجيل والتساهل في ذلك، ولمزيد الفائدة راجعي الفتوى: 455800.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة



مواقيت الصلاة

حسب التوقيت المحلي لدولة قطر دولة أخرى؟
  • الفجر
    04:53 AM
  • الظهر
    11:34 AM
  • العصر
    02:32 PM
  • المغرب
    04:51 PM
  • العشاء
    06:21 PM