فصل
بلا خلاف ، وإن فرض إطلاع ثمرة العام الثاني قبل جداد ثمرة الأول . ولو كانت له نخيل تحمل في العام الواحد مرتين ، لم يضم الثاني إلى الأول . قال الأصحاب : هذا لا يكاد يقع في النخل والكرم ؛ لأنهما لا يحملان في السنة حملين ، وإنما يقع ذلك في التين وغيره مما لا زكاة فيه ، ولكن ذكر لا تضم ثمرة العام الثاني إلى ثمرة العام الأول في إكمال النصاب - رحمه الله - المسألة بيانا لحكمها لو تصورت . الشافعي
ثم إن القاضي فصل فقال : إن أطلعت النخل الحمل الثاني بعد جداد الأول ، فلا يضم ، وإن أطلعت قبل جداده وبعد بدو الصلاح ، ففيه الخلاف الذي سنذكره إن شاء الله تعالى في حمل نخلتين . ابن كج
وهذا الذي قاله لا يخالف [ ص: 241 ] إطلاق الجمهور عدم الضم ؛ لأن السابق إلى الفهم من الحمل الثاني هو الحادث بعد جداد الأول . ولو كان له نخيل أو أعناب يختلف إدراك ثمارها في العام لاختلاف أنواعها أو بلادها ، فإن أطلع المتأخر قبل بدو صلاح الأول ، ضم إليه ، وإن أطلع بعد جداد الأول فوجهان . قال وأصحاب القفال : لا يضم ، وقال أصحاب الشيخ أبي حامد : يضم ، وفي ظاهر نص ابن كج ما يدل لهم . الشافعي
قلت : هذا هو الراجح ، ورجحه في المحرر ، والله أعلم .
وإن كان إطلاعه قبل جداد الأول وبعد بدو صلاحه ، فإن قلنا : فيما بعد الجداد يضم ، فهنا أولى ، وإلا فوجهان ، أصحهما في التهذيب : لا يضم ، وإذا قلنا بقول أصحاب القفال ، فهل يقام وقت الجداد مقام الجداد ؟ وجهان . أوفقهما : يقام ، فإن الثمار بعد وقت الجداد كالمجدودة ؛ ولهذا لو أطلعت النخلة للعام الثاني وعليها بعض ثمرة الأول لم يضم قطعا . فعلى هذا قال إمام الحرمين : لجداد الثمار أول وقت ونهاية يكون ترك الثمار إليها أولى ، وتلك النهاية هي المعتبرة .
فرع
من مواضع اختلاف إدراك الثمر نجد ، وتهامة . فتهامة حارة يسرع إدراك الثمرة بها ، بخلاف نجد ، فإذا كانت لرجل نخيل تهامية ، ونخيل نجدية ، فأطلعت التهامية ثم النجدية لذلك العام ، واقتضى الحال ضم النجدية إلى التهامية على ما سبق بيانه ، فضمها ثم أطلعت التهامية ثمرة أخرى - فلا يضم ثمرة هذه المرة إلى النجدية وإن أطلعت قبل بدو صلاحها ؛ لأنا لو ضممناها إلى النجدية لزم ضمها إلى التهامية الأولى ، وذلك لا يجوز ، هكذا ذكره الأصحاب . قال الصيدلاني وإمام الحرمين : [ ص: 242 ] ولو لم تكن النجدية مضمومة إلى التهامية الأولى بأن أطلعت بعد جدادها - ضممنا التهامية الثانية إلى النجدية ؛ لأنه لا يلزم المحذور الذي ذكرناه ، وهذا الذي قالاه قد لا يسلمه سائر الأصحاب ؛ لأنهم حكموا بضم ثمرة العام الواحد بعضها إلى بعض ، وبأنه لا تضم ثمرة عام إلى ثمرة عام آخر ، والتهامية الثانية حمل عام آخر .