فصل
إذا ، بني على أن ملك المبيع في مدة الخيار لمن ؟ فإن قلنا : للبائع ، فعليه زكاته ، وإن قلنا : للمشتري ، فلا زكاة على البائع ، ويبتدئ المشتري حوله من وقت الشراء . وإن قلنا : موقوف ، فإن تم البيع كان للمشتري ، وإلا فللبائع . وحكم الحالين ما تقدم ، هكذا ذكره الجمهور ، ولم يتعرضوا لخلاف بعد البناء المذكور . قال إمام الحرمين : إلا صاحب التقريب فإنه قال : وجوب الزكاة على المشتري يخرج على القولين في المغصوب ، بل أولى ؛ لعدم استقرار الملك ، وهكذا إذا كان الخيار للبائع أو لهما . أما إذا كان المشتري وحده ، وقلنا : الملك له - فملكه ملك زكاة بلا خلاف ؛ لكمال ملكه وتصرفه . وعلى قياس هذه الطريقة يجري الخلاف في جانب البائع أيضا إذا قلنا : الملك له وكان الخيار للمشتري . باع مالا زكويا قبل تمام الحول بشرط الخيار ، فتم الحول في مدة الخيار ، أو اصطحبا في مدة خيار المجلس فتم فيها الحول
[ ص: 196 ] فرع
على الملتقط . وفي وجوبها على المالك الخلاف في المغصوب والضال ثم إن لم يعرفها حولا ، فهكذا الحكم في جميع السنين ، وإن عرفها بني حكم الزكاة على أن الملتقط ، متى تملك اللقطة ؟ بمضي سنة التعريف ، أم باختيار التملك ، أم بالتصرف ؟ فيه خلاف يأتي في موضعه إن شاء الله تعالى . اللقطة في السنة الأولى باقية على ملك المالك ، فلا زكاة فيها
فإن قلنا : يملك بانقضائها ، فلا زكاة على المالك ، وفي وجوبها على الملتقط وجهان . وإن قلنا : يملك باختيار التملك وهو المذهب ، نظر ، إن لم يتملكها ، فهي باقية على ملك المالك . وفي وجوب الزكاة عليه طريقان ، أصحهما على قولين : كالسنة الأولى . والثاني : لا زكاة قطعا ؛ لتسلط الملتقط عليها . وإن تملكها الملتقط لم تجب زكاتها على المالك ، لكنه تستحق قيمتها على الملتقط ، ففي وجوب زكاة القيمة عليه خلاف من وجهين ، أحدهما : كونها دينا . والثاني : كونها مالا ضالا . ثم الملتقط مديون بالقيمة ، فإن لم يملك غيرها ففي وجوب الزكاة عليه الخلاف الذي نذكره إن شاء الله تعالى أن الدين هل يمنع وجوب الزكاة ؟ . وإن ملك غيرها وما بقي بالقيمة وجبت الزكاة على الأصح . وإن قلنا : يملك بالتصرف ولم يتصرف ، فحكمه كما إذا لم يتملك وقلنا : لا يملك إلا به .
واعلم أن الملتقط لو وجد المالك بعد تملكها ، فرد اللقطة إليه - تعين عليه القبول ، وفي تمكن المالك من استردادها قهرا وجهان ، وهذا يوجب أن تكون القيمة الواجبة معرضة للسقوط ، وحينئذ لا يبعد التردد في امتناع الزكاة ، وإن قلنا : الدين يمنع الزكاة كالتردد في وجوب الزكاة على الملتقط مع الحكم بثبوت تملكه لكونه معرضا للزوال .
[ ص: 197 ]