فصل
الخلطة تؤثر في المواشي بلا خلاف . أما خلطة الاشتراك ففيها قولان ؛ القديم : لا يؤثر . والجديد : يؤثر . فأما خلطة الجوار فلا تثبت ، على القديم . وفي الجديد وجهان ، وقيل : قولان ، أصحهما : يثبت ، إذا اختصرت قلت : في الخلطتين ثلاثة أقوال : الأظهر : ثبوتهما . والثاني : لا . والثالث : تثبت خلطة [ ص: 173 ] الاشتراك فقط . وصورة الخلطة في هذه الأشياء ، أن يكون لكل واحد منهما صنف نخيل ، أو زرع في حائط واحد ، أو لكل واحد كيس درهم في صندوق واحد ، أو أمتعة تجارة في خزانة واحدة . وفرع الأصحاب على إثبات الخلطتين مسائل . منها : وهل تؤثر في الثمار ، والزروع ، والنقدين ، وأموال التجارة ؟ ، تجب فيها الزكاة . نخيل موقوفة على جماعة معينين في حائط واحد أثمرت خمسة أوسق
ومنها : لو استأجر أجيرا لتعهد نخيله بثمرة نخلة بعينها بعد خروج ثمرها وقبل بدو صلاحها ، وشرط القطع ، فلم يتفق القطع حتى بدا الصلاح وبلغ ما في الحائط نصابا - وجب على الأجير عشر ثمرة تلك النخلة وإن قلت .
ومنها : لو وقف أربعين شاة على جماعة معينين ، إن قلنا : الملك في الموقوف لا ينتقل إليهم ، فلا زكاة . وإن قلنا : يملكونه فوجهان ، الأصح : لا زكاة أيضا ؛ لضعف ملكهم .
فصل
قد يقتضي التراجع بينهما ، وقد يقتضي رجوع أحدهما على صاحبه دون الآخر ، ثم الرجوع والتراجع يكثران في خلطة الجوار ، وقد يتفقان قليلا في خلطة المشاركة كما سيأتي إن شاء الله تعالى . أخذ الزكاة من مال الخليطين
فأما خلطة الجوار ، فتارة يمكن الساعي أن يأخذ من نصيب كل واحد منهما ما يخصه ، وتارة لا يمكنه . فإن لم يمكنه فله أن يأخذ فرض الجميع من نصيب أيهما شاء . وإن لم يجد سن الفرض إلا من نصيب أحدهما ، أخذه .
مثاله : أربعون شاة لكل واحد عشرون ، يأخذ الشاة من أيهما شاء . ولو وجبت بنت لبون فلم يجدها إلا في أحدهما ، أخذها منه . ولو كانت ماشية أحدهما مراضا أو معيبة ، أخذ الفرض من الآخر . أما إذا أمكنه ، فوجهان .
[ ص: 174 ] قال أبو إسحاق : يأخذ من مال كل واحد ما يخصه ، ولا يجوز غير ذلك ؛ ليغنيهما عن التراجع . وأصحهما وبه قال ابن أبي هريرة والجمهور : يأخذ من جنب المال ما اتفق ، ولا حجر عليه ، بل لو أخذ كما قال أبو إسحاق ثبت التراجع ؛ لأن المالين كواحد .
مثال صورة الإمكان : لكل واحد مائة شاة وأمكن أن يأخذ من مال كل واحد شاة . وكذا لو كان لأحدهما أربعون من البقر وللآخر ثلاثون ، وأمكن أخذ مسنة من الأربعين وتبيع من الثلاثين . وكذا لو كان لواحد مائة من الإبل وللآخر ثمانون ، وأمكن أخذ حقتين من المائة وبنتي لبون من الثمانين .