الباب الثاني في أحكام اللقيط
هي أربعة .
الأول : ، وإسلام الشخص قد يثبت بنفسه استقلالا ، وقد يثبت تبعا . أما القسم الأول ، فالبالغ العاقل ، يصح منه مباشرة الإسلام بالنطق إن كان ناطقا ، [ ص: 429 ] وبالإشارة إن كان أخرس . وأما المجنون والصبي الذي لا يميز ، فلا يصح إسلامهما مباشرة بلا خلاف ، ولا يحكم بإسلامهما إلا بالتبعية . وأما الصبي المميز ، ففيه أوجه . الصحيح المنصوص : لا يصح إسلامه . والثاني : يتوقف . فإن بلغ واستمر على كلمة الإسلام ، تبينا كونه مسلما من يومئذ . وإن وصف الكفر ، تبينا أنه كان لغوا . وقد يعبر عن هذا بصحة إسلامه ظاهرا لا باطنا . والثالث : يصح إسلامه حتى يفرق بينه وبين زوجته الكافرة ويورث من قريبه المسلم ، قاله الإسلام الإصطخري . وعلى هذا ، لو ارتد ، صحت ردته ، لكن لا يقتل حتى يبلغ . فإن تاب ، وإلا ، قتل .
قلت : الحكم بصحة الردة بعيد ، بل غلط . والله أعلم .
فإذا قلنا بالصحيح ، فقد قال - رضي الله عنه - : يحال بينه وبين أبويه وأهله الكفار لئلا يفتنوه . فإن بلغ ووصف الكفر ، هدد وطولب بالإسلام . فإن أصر ، رد إليهم . وهل هذه الحيلولة مستحبة ، أم واجبة ؟ وجهان . أصحهما : مستحبة ، فليتلطف بوالديه ليؤخذ منهما . فإن أبيا ، فلا حيلولة . هذا في أحكام الدنيا . فأما ما يتعلق بالآخرة ، فقال الأستاذ الشافعي أبو إسحاق : إذا أضمر الإسلام كما أظهره ، كان من الفائزين بالجنة ، ويعبر عن هذا بصحة إسلامه باطنا لا ظاهرا . قال الإمام : في هذا إشكال ، لأن من يحكم له بالفوز لإسلامه ، كيف لا يحكم بإسلامه ؟ ويجاب عنه بأنه قد يحكم بالفوز في الآخرة وإن لم يحكم بأحكام الإسلام في الدنيا ، كمن لم تبلغه الدعوة .