فصل : فإذا ثبت أن إتمام الصلاة في السفر جائز فقد اختلف أصحابنا في الأفضل والأولى على مذهبين .
أحدهما : اقتداء بأكثر أفعال رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأكثر أفعاله القصر ، وليكون من الخلاف خارجا ، وهذا هو ظاهر قول القصر أفضل الشافعي ، وعليه جمهور أصحابه .
والثاني : وهو قول كثير منهم : أن الإتمام أفضل : لأن الإتمام عزيمة ، والقصر رخصة ، والأخذ بالعزيمة أولى ، ألا ترى أن الصوم في السفر أفضل من الفطر ، وغسل الرجلين أفضل من المسح على الخفين . فأما قول الشافعي : وأكره ، والراغب عنها على ضربين : ترك القصر رغبة عن السنة
راغب بتأويل : وهذا غير كافر ، ولا فاسق ، كمن لا يقول بأخبار الأحاد ، وله أراد الشافعي ، ورغب عنها زاهدا فيها بغير تأويل بعلم ورود السنة بالقصر ، ولا يقول بها فهو كافر ، فأما قول الشافعي : فأما أنا فأحب أن لا أقصر في أقل من ثلاثة أيام ولياليهن احتياطا على نفسي ، وإن ترك القصر مباح لي . فهذا صحيح لأنه أفتى بما قامت عليه الدلالة عنده ، ثم اختار لنفسه احتياطا لها من طريق الاستحباب أن لا يقصر في أقل من ثلاثة أيام ليكون من الخلاف خارجا وبالاستظهار آخذا .