مسألة : قال الشافعي رضي الله عنه : وأقل ما يكون به جنينا أن يفارق المضغة والعلقة حتى يتبين منه شيء من خلق آدمي إصبع أو ظفر أو عين أو ما أشبه ذلك .
قال الماوردي : اختلف الفقهاء في على ثلاثة مذاهب : حد الجنين الذي تجب فيه الغرة
أحدها : وهو قول الشعبي ومالك والحسن بن صالح . أن في أقل الحبل غرة .
والثاني : وهو قول أبي حنيفة : أن فيه ما لم يبن خلقه حكومة ، فإذا بان خلقه ففيه غرة .
والثالث : وهو قول الشافعي : أنه لا شيء فيه إذا لم يبن خلقه ، فإذا بان خلقه على ما سنصفه ففيه غرة فصار الخلاف فيما لم يبن خلقه ، فعند مالك فيه غرة ، وعند أبي حنيفة فيه حكومة ، وعند الشافعي لا شيء فيه .
واستدل مالك على وجوب الغرة فيه : بأنه لما لم يقع الفرق في الولد الحي بين صغير وكبير في وجوب الدية وجب أن لا يقع الفرق في الحمل بين مبادئه وكماله في وجوب الغرة .
واستدل أبو حنيفة بأنه لما وجب في الجنين دون ما في الولد الحي ولم يكن [ ص: 386 ] هدرا وجب أن يكون فيما دون الجنين أقل مما في الجنين ولا يكون هدرا ، واستدل الشافعي على أن لا شيء فيه بأمرين :
أحدهما : أن وجوب الغرم لثبوت الحرمة وليس له قبل بيان خلقه حرمة فكان هذا كالنطفة .
والثاني : أن حياة الإنسان بين حالتين بين مبادئ خلقه وبين غايته بعد موته ، فلما كان في آخر حالتيه بعد الموت هدرا وجب أن يكون في الأولى من حالتيه قبل بيان الخلق هدرا ، وفي هذين دليل وانفصال .