[ ص: 288 ] مسألة : قال الشافعي رضي الله عنه : فإن ففيه الدية . كسر صلبه فلم يطق المشي
قال الماوردي : وهذا صحيح ، لأنه قد أذهب جماله بكسر صلبه وأبطل تصرفه بذهاب مشيه فكملت فيه الدية ، فإن كسر صلبه ولم يذهب مشيه وصار يمشي كالراكع وجب فيه حكومة ، لذهاب الجمال مع بقاء المنفعة ، ولو صار بعد كسر صلبه منتصب الظهر لكن ذهب مشيه فعليه الدية تامة ، لذهاب المنفعتين مع بقاء الجمال ، كما لو ضرب يده فشلت ، فلو صار ضعيف المشي لا يقدر على السعي ولا على السرعة ففيه حكومة ، لأنه قد أذهب من مشيه ما لا ينحصر ، ولو انحصر لوجب فيه من الدية بقسطها ، ولو صار لا يقدر على المشي إلا معتمدا على عصا كانت عليه حكومة هي أكثر من حكومته لو مشى بغير عصا ، وكلما أوجبناه في ذلك من الدية أو الحكومة فإنما نوجبه بعد استقرار الجناية بالتوقف عن الحكم بها حتى ينظر ما ينتهي إليه أمرها ، فلو حكم له بالدية لذهاب مشيه ثم صار يمشي من بعد استرجع منه ما أخذه من الدية إلا قدر حكومة الألم والشين ، فإن لزمته ديتان ، إحداهما في ذهاب المشي ، والأخرى في شلل الرجلين . اقترن بكسر الصلب وذهاب المشي شلل القدمين
فإن قيل : فهلا وجبت دية الرجلين بذهاب المشي وإن لم يصر فيهما شلل ، لأنه قد أبطل نفعهما .
قيل : لأن منفعة الرجلين باقية في انقباضهما وبسطهما لا تذهب إلا بالشلل ، وإنما ذهب المشي لنقص في غيرهما ، فلذلك لم تجب ديتها إلا بشللهما .