فصل : وإن فهي مسألة الكتاب فيكون ذلك عفوا عن القصاص بمجرد الطلب ، سواء تم البيع بينهما أم لا : لأنه عدول إلى الأرش ، والعدول إليه عفو ، ثم ينظر في أرش الجناية فإن جهلها المتبايعان كان البيع باطلا للجهل بقدر الثمن ، وإن علماها فعلى ضربين : اشتراه المجني عليه أو وليه بأرش جنايته
[ ص: 209 ] أحدهما : أن تكون مقدرة ورقا أو ذهبا ، فالبيع جائز .
والثاني : أن تكون مقدرة إبلا كالجناية على الإصبع مقدرة بعشر من الإبل أثلاثا في العمد وأخماسا في الخطأ ، فإذا ابتاعه بها فهي معلومة الجنس والسن مجهولة النوع والصفة ، وفي جواز جعلها صداقا قولان :
أحدهما : يجوز للعلم بجنسها وسنها وثبوتها في الذمة واستحقاق المطالبة بها .
والثاني : لا يجوز للجهل بنوعها وحبسها ، وأن حكم العقود أضيق وأغلظ .
فأما البيع فقد اختلف أصحابنا فيه ، فكان أبو علي بن أبي هريرة يخرجه على قولين كالصداق ، لأنهما عقدا معاوضة ، وذهب أبو إسحاق المروزي إلى بطلانه قولا واحدا وإن كان الصداق على قولين ، للفرق بينهما باتساع حكم الصداق لثبوته بعقد وغير عقد وضيق حكم البيع الذي لا يستحق الثمن فيه إلا بعقد .
فإن قيل ببطلان البيع كان أرش الجناية في رقبة العبد يباع فيها إلا أن يفديه السيد منها .
فإن قيل بجواز البيع برئ العبد وبائعه من أرش جنايته ، فإن وجد به المجني عليه أو وليه عيبا سوى الجناية كان له أن يرده به ويعود أرش الجناية في رقبته فيباع فيها أو يفديه السيد منها .
فإن قيل فما الفائدة في رده بعيبه وليس للمجني عليه غير ثمنه معيبا ؟
قيل : لجواز أن يرغب في ابتياعه من يرضى بعيبه فيبرأ المجني عليه من ضمان دركه . وبالله التوفيق .