مسألة : قال الشافعي رحمه الله : ولو فهو عفو ولم يجز البيع إلا أن يعلما أرش الجرح لأن الأثمان لا تجوز إلا معلومة فإن أصاب به عيبا رده وكان له في عنقه أرش جنايته . جنى عبد على حر فابتاعه بأرش الجرح
قال الماوردي : وصورتها : في عبد جنى على حر جناية عمد فالتمس المجني [ ص: 208 ] عليه أن يبتاعه من سيده ، فالسيد بالخيار بين بيعه عليه أو منعه منه ، سواء أراد السيد أن يفديه من جنايته أو أن يبيعه فيها ، لأن البيع عقد مراضاة لا يلزم إلا بالاختيار ، فإن أجاب سيده إلى بيعه على المجني عليه فهذا على ضربين :
أحدهما : أن بيعه عليه بثمن في الذمة .
والثاني : أن بيعه بأرش الجناية ، فإن كان البيع بثمن في الذمة لم يكن الابتياع عفوا عن القود لاستحقاقه على العبد لو كان في ملك المجني عليه ، ولم يسقط بانتقاله إليه ، وإذا كان كذلك لم يخل القصاص من أن يكون مستحقا في طرف أو نفس ، فإن كان مستحقا في طرف فالبيع جائز ، وللمجني عليه أن يقتص من أطرافه إذا صار في ملكه كما كان له أن يقتص منه في ملك بائعه ، ولا خيار له في نقصه بهذا القصاص ، لعلمه باستحقاقه ، وإن كان القصاص في نفسه لم يمنع ذلك من جواز بيعه لتردد حاله بين عفو واقتصاص ، كالمريض المدمن يجوز بيعه مع خوف موته لتردد حاله بين برء وعطب ، وإذا كان البيع جائزا فولي المجني عليه بعد ابتياعه على حقه من القصاص ، وهو فيه بالخيار ، فإن عفا عنه استقر البيع فيه ، وكان له مطالبة بائعه بالدية إن كانت بقدر ثمنه فما دونه ، وإن كانت أكثر منه فعلى قولين :
أحدهما : يطالبه بجميعها .
والثاني : ليس له إلا قدر ثمنه ، وسيده البائع مخير بين دفع الثمن الذي قبضه بعينه وبين أن يدفع إليه غيره ، ويكون الباقي من الدية بعد ثمنه هدرا ، وإن اقتص منه ولي المجني عليه المشتري له فقد اختلف أصحابنا في الاقتصاص منه ، هل يجري مجرى مستهلكه بالغصب أو مجرى موته بالمرض ؟ على وجهين :
أحدهما : وهو قول أبي إسحاق المروزي أنه يجري مجرى استحقاقه بالغصب ، فعلى هذا يكون لولي المجني عليه أن يرجع على البائع بثمنه مع علمه بحاله ، لأن من اشترى عبدا من غاصبه مع علمه بغصبه كان له الرجوع بثمنه .
والوجه الثاني : وهو قول أبي علي بن أبي هريرة أن القصاص يجري مجرى موته بالمرض ، فعلى هذا لا يرجع بثمنه لتلفه في يده ولا بأرش عينه لعلمه بجنايته .