فصل : فأما ، فإن كان قتل الصبي والمجنون على صفة الخطأ فلا قود على شريكه ، لأنه لو كان الخطأ من بالغ عاقل سقط به القود عن العامد ، فكان أولى أن يسقط به غير الصغير والمجنون ، وإن كان قتل الصغير والمجنون على صفة العمد ، فقد اختلف قول البالغ العاقل إذا شارك في القتل صغيرا أو مجنونا الشافعي في عمدهما هل يكون عمدا أو خطأ : على قولين :
أحدهما : وهو قول أبي حنيفة أن عمدها خطأ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - ولأنه لو كان عمدا لتعلق به القود والمأثم ، وبسقوطهما عنه يجري عليه حكم الخطأ ، فعلى هذا لا قود في العمد على البالغ العاقل إذا شاركهما ، وعليه نصف الدية حالة في ماله ، وعليهما نصف دية الخطأ مخففة على عواقلهما . رفع القلم عن ثلاث عن الصبي حتى يحتلم
والقول الثاني : أن عمدها عمد ، لأنهما قد يميزان مضارهما من منافعهما ، ولأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قد جعل للصبي تمييزا في اختيار الأبوين ، وقدمه للصلاة إماما ، ولأنه لما كان عمده للأكل في الصيام عمدا وعمده للكلام في الصلاة عمدا وجب أن يكون عمده للقتل عمدا ، ولو جعل عمد الصبي عمدا وعمد المجنون خطأ لكان الفرق بينهما أشبه ، لأن العبادات تصح من الصبي ولا تصح من المجنون ، لكن القول في الجمع بينهما مطلق فأطلقناه مع الفرق الذي أراه ، فعلى هذا يجب على العامد إذا شاركهما في القتل القود بخروج النفس بعمد محض ، ولا قود عليهما ، لأن ما تعلق بالأبدان ساقط عنهما ، وعليهما نصف الدية مغلظة حالة من أموالهما ، لأن ما تعلق بالأموال واجب عليها ، فصار سقوط القود وعنهما على القول الأول لمعنى في فعلهما فلذلك سقط القود عمن شاركهما ، وسقوطه عنهما على القول الثاني معنى في أنفسهما ، فلذلك وجب القود على من شاركهما .