فصل : فإذا ثبت وجوب الدية عليهما ، لم تخل جنايتهما من أن تكون على وجه الخطأ أو العمد ، فإن كانت منهما على وجه الخطأ فالدية متحققة على عواقلهما ، وإن كانت على وجه العمد ففي عمدهما قولان :
أحدهما : أنه كالخطأ لعدم قصدهما فتكون الدية مخففة على عواقلهما .
والقول الثاني : أنه كعمد غيرهما ، وإن سقط القصاص عنهما لعدم تكليفهما ، فتجب الدية عليهما مغلظة في أموالهما حالة .
لم يستحق عليها القصاص فيما جناه في الصغر والجنون ، فلو اختلفا بعد البلوغ والإفاقة مع ولي المقتول . فلو بلغ الصبي بعد صغره ، وأفاق المجنون بعد قتله ،
فقال القاتل : قتلت قبل البلوغ فلا قود علي .
وقال الولي : قتلت بعد البلوغ فعليك القود .
فالقول قول القاتل مع يمينه ، لأن الصغر صفة متحققة ، والأصل : أن جنب المؤمن حمى .
ولو قال القاتل : كنت عند القتل مجنونا . وقال الولي : بل كنت مفيقا . فلا يخلو حال القاتل من ثلاثة أقسام :
أحدها : أن لا يعلم له جنون متقدم فالقول قول الولي ، وعلى القاتل القود : لأن الأصل السلامة .
[ ص: 89 ] والقسم الثاني : أن يعلم جنونه طبقا مستديما فالقول قول القاتل ، ولا قود عليه ، لأنه قد صار فيه أصلا فشابه دعوى الصغر .
والقسم الثالث : أن يعلم منه أنه كان يجن في زمان ، ويفيق في زمان ففيه وجهان :
أحدهما : أن القول فيه قول القاتل مع يمينه لاحتماله وأن جنبه حمى .
والوجه الثاني : أن القول قول الولي مع يمينه ، لأن السلامة أغلب .