فصل : فأما المزني فاعترض على الشافعي في فرقة الإحداد بين وعدة الطلاق : لأنهما قد يختلفان في حال ، وإن اجتمعا في غيره فأنكر عدة الموت المزني هذا التعليل في فرقته بينهما بأنهما قد يختلفان في حال إذا اجتمعا في أخرى ، فقال : كل ما قيس على أصل فهو مشتبه له من وجه ، وإن خالفه من غيره فجعل المزني اجتماعهما في حال يوجب اشتراكهما وإن اختلفا في أخرى ثم قال : لو لم يكن من القياس إلا باجتماع كل الوجوه لبطل القياس . والجواب عن هذا أن يقال للمزني : أما آخر كلامك في أنه ليس في القياس [ ص: 276 ] اجتماع كل الوجوه فصحيح : لأن اشتراك الشيئين المتبوعين من جميع الوجوه ممتنع ، ولو اشتركا لم يتنوعا ، وأما أول كلامك في اعتراضك فليس إذا اجتمع الشيئان من وجه ، واختلفا من وجه وجب أن يسوى بينهما في الحكم لأجل الاجتماع ، ولا يفرق بينهما فيه لأجل الاختلاف على إرسال هذا القول وإطلاقه : لأنه لو غلب حكم الاجتماع لما اختلف حكمان : لأنه ما من شيئين في العالم إلا وقد يشتركان في الحدوث ، ولو غلب حكم الاختلاف لما اجتمع حكمان : لأنه ما من نوع إلا وقد يخالف غيره ، وإنما يجمع بين الشيئين إذا اجتمعا في علة الحكم وإن اختلفا في غيره ، ويفرق بين الشيئين إذا اختلفا في علة الحكم وإن اجتمعا في غيره ، وهذا هو مراد الشافعي فلم يكن لاعتراض المزني عليه وجه ، فإن كانت العلة في وجوب عن نكاح صحيح وجب أن يلزم في العدتين على ما اختاره الإحداد في العدة وقوع الفرقة البائنة المزني ، وإن كانت العلة وقوع الفرقة بعد استيفاء المدة من غير اختيار لزم في عدة الموت ، ولم يلزم في عدة الطلاق على ما رجحه الشافعي .