فصل : فإذا تقرر ما وصفنا من أحكام العيوب عرض به فانتشر وزاد حتى صار كثيرا لم يكن له خيار : لأن الراضي بقليله راض بكثيره ، ولأن قليله في الغالب يصير كثيرا ، ولو ظهر بها برص في غير المكان الأول فهذا على ضربين : فوجد الزوج بالزوجة قليلا من برص أو جذام
أحدهما : أن يكون الثاني أقبح منظرا من الأول كأنه كان الأول في فخذها وحدث الثاني في وجهها ، فله الخيار نص عليه في " الإملاء " : لأن النفس من الثاني أشد نفورا من الأول .
والضرب الثاني : أن يكون مثل الأول في القبح ، كأنه كان الأول في يدها اليمنى والثاني في يدها اليسرى ، ففيه وجهان :
[ ص: 344 ] أحدهما : له الخيار : لأنه إذا كان في غير مكان الأول كان عيبا غير الأول .
والوجه الثاني : لا خيار : لأنه من جنس الأول كالمتصل ، فلو رضي ببرصها ، فظهر بها جذام كان له الخيار بالجذام دون البرص : لأنه قد تأنف نفسه الجذام ، ولا تعاف البرص ، ولو كان بها جذام أو برص فلم يختر فسخ نكاحها حتى زال وبرئ ، فهذا على ضربين :
أحدهما : أن يزول قبل علمه به ، فلا خيار بعدم ما يوجبه .
والضرب الثاني : أن يزول بعد علمه وقبل فسخه بعذر آخر عنه ، ففي خياره وجهان :
أحدهما : له الخيار : اعتبارا بالابتداء .
والثاني : لا خيار له : اعتبارا بالانتهاء .
فلو وجد الزوج بها عيبا ووجدت بالزوج عيبا ، فهذا على ضربين :
أحدهما : أن يختلف العيبان ، فيكون عيب أحدهما جذاما وعيب الآخر برصا ، فلكل واحد الخيار بعيب صاحبه : لأن المجذوم قد يعاف الأبرص ، والأبرص قد يعاف المجذوم .
والضرب الثاني : أن يتساوى العيبان ، فيكون لكل واحد منهما برص أو جذام ، ففي ثبوت الخيار وجهان :
أحدهما : أن لا خيار لتكافئهما ، وأنه ليس بنقص أحدهما عن حالة صاحبه .
والوجه الثاني : أن لكل واحد منهما الخيار : لأنه قد يعاف من غيره ما لا يعافه من نفسه من بصاق ومخاط وأذى ، والله أعلم .