مسألة : قال الشافعي : " ويجبرها على الغسل من الحيض والجنابة " .
قال الماوردي : وأما ، فهو من حقوق الزوج : لأن الله تعالى حرم وطء الحائض حتى تغتسل بقوله تعالى : إجبار الذمية على الغسل من الحيض ولا تقربوهن حتى يطهرن فإذا تطهرن فأتوهن من حيث أمركم الله [ البقرة : 222 ] وكان للزوج إذا منعه الحيض من وطئها أن يجبرها عليه ليصل إلى حقه منها .
فإن قيل : الغسل عندكم لا يصح إلا منه ، ولا فرق عندكم بين من لم ينو ومن لم يغتسل ، ومع الكفر والإجبار لا تصح منها نية .
قيل : في غسلها من الحيض حقان :
أحدهما : لله تعالى ، لا يصح إلا بنية .
[ ص: 228 ] والآخر : للزوج ، يصح بغير نية ، فكان له إجبارها في حق نفسه ، لا في حق الله تعالى ، فلذلك أجزئ بغير نية ، ألا ترى أنه يجبر زوجته المجنونة على الغسل في حق نفسه ، وإن لم يكن عليها في حق الله تعالى غسل ، وغير ذات الزوج تغتسل في حق الله تعالى ، وإن لم يكن للزوج عليها حق ، وكذلك نجبر الذمية على الغسل من النفاس : لأنه يمنع من الوطء كالحائض ، فأما ، ففيه قولان : إجبار الذمية على الغسل من الجنابة
أحدهما : لا يجبرها عليه بخلاف الحيض : لأنه قد يستبيح وطء الجنب ، ولا يستبيح وطء الحائض ، فافترقا في الإجبار .
والقول الثاني : أنه يجبرها عليه ، وإن جاز وطئها مع بقائه : لأن نفس المسلم قد تعاف وطء من لا تغتسل من جنابة ، فكان له إجبارها عليه : ليستكمل به الاستمتاع ، وإن كان الاستمتاع ممكنا ، فأما فليس له إجبارها عليه قولا واحدا : لكثرته ، وأن النفوس لا تعافه ، وإنه ليس يصل إلى وطئها إلا بعد الحدث ، فلم يكن لإجبارها عليه تأثير . الوضوء من الحدث