فصل : وإذا كان لرجل ابن ابن وله بنت ابن آخر ، فأراد أن يزوج ابن ابنه بنت ابنه ، فإن كان أبواهما باقيين لم يكن له تزويجهما : لأنه ، وإن كان أبواها [ ص: 70 ] ميتين ، فإن كان ابن ابنه بالغا فليس له إجباره على النكاح ، فإن كانت بنت ابنه ثيبا فليس له إجبارها على النكاح ، وإن كان ابن ابنه صغيرا أو بنت ابنه بكرا ، فله إجبار كل واحد منهما على الانفراد ، إن أراد تزويج أحدهما بالأخر ، ففي جوازه جبرا وجهان : لا ولاية للجد مع بقاء الأب
أحدهما : لا يجوز تزويج أحدهما حتى يبلغ الابن ، فيكون هو القابل لنفسه : لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال : كل نكاح لم يحضره أربع فهو سفاح ولأن لا يتولى العقد من طرفيه كما لا يجوز لابن العم أن يزوج موليته : لأن لا يصير متوليا للعقد من طرفيه . وهذا قول أبي العباس بن القاص وطائفة .
والوجه الثاني : يجوز للجد أن يفعل ذلك ويتولى العقد من طرفيه ، كما يجوز له فيما ينفق من مال على ابن ابنه إذا كان واليا عليه أن يتولى العقد من طرفيه ، وخالف ابن العم في تزويجه ابنة عمه إذا كان واليا عليها من وجهين :
أحدهما : أن ولاية الجد توجب الإجبار لقوتها وولاية ابن العم تمنع من الإجبار لضعفها .
والثاني : أن الجد في الطرفين عاقد لغيره وابن العم أحد الطرفين عاقد لنفسه . وهذا قول أبي بكر بن الحداد المصري وطائفة ، فعلى هذا لا بد للجد من أن يتلفظ في عقد نكاحها بالإيجاب فيقول : قد زوجت ابن ابني ببنت ابني ، وهل يحتاج فيه القبول أم لا ؟ على وجهين :
أحدهما : لا بد من أن يتلفظ فيه القبول ، فيقول : وقبلت نكاحها له . وهذا قول أبي بكر بن الحداد ، ولأنه يتولى ذلك بولايتين ، فقام فيه مقام وليين ، فلم يكن بد فيه من لفظتين : أحدهما : إيجاب ، والآخر : قبول .
والوجه الثاني : لا يحتاج أن يتلفظ فيه بالقبول ، هذا قول أبي بكر القفال : لأن الجد يقوم مقام وليين ، فقام لفظه مقام لفظين .