مسألة : قال الشافعي - رحمه الله تعالى - : " ولو كان المولى عليه يحتاج إلى النكاح زوجه وليه ، فإن أذن له فجاوز مهر مثلها رد الفضل " .
قال الماوردي : : لأن المولى عليه بالسفه ممنوع من التزويج إلا بإذن وليه ، فإن لم يكن به إلى النكاح حاجة لم يجز له أن يتزوج ، ولا لوليه أن يزوجه لما فيه من التزام المهر والنفقة لغير حاجة ، وإن كان به إلى النكاح حاجة ، إما بأن يرى يتوثب على النساء لفرط الشهوة ، وإما بأن يحتاج إلى خادم ، وخدمة النساء له أرفق به ، فيجوز لوليه أن يزوجه : لأنه مندوب إلى القيام بمصالحه التي هذا منها ، وليصده بذلك عن مواقعة الزنا الموجب للحد والمأثم ، وإذا كان كذلك فوليه بالخيار بين أن يزوجه بنفسه وبين أن يأذن له في التزويج ، فإن زوجه الولي جاز أن يعقد له النكاح على من يختارها له من الأكفاء ، [ ص: 71 ] ولا يلزمه استئذانه فيه : لأن ذلك من جملة مصالحه التي لا تقف على إذنه ، كما لا تقف على إذن ما عقده من بيع وشراء ، ولا يزيد المنكوحة على مهر مثلها ، كما لا يزيد في عقود أمواله على أعواض أمثالها ، فإن زوجه بأكثر من مهر المثل ، كانت الزيادة مردودة ، ولا تجب في مال السفيه ولا على وليه ، وإن أذن له الولي في التزويج ليتولاه السفيه بنفسه جاز . الحجر يمنع من التصرف في العقود
فإن قبل فهلا منع من مباشرة العقد بنفسه و لم يصح منه مع إذن وليه ، كما لم يصح منه عقد البيع ، وإن أذن فيه وليه ؟ .
قيل : من وجهين : الفرق بين النكاح حيث صح منه أن يعقده بإذن الولي وبين البيع حيث لم يصح منه أن يعقده ، وإن أذن فيه الولي
أحدهما : أن المقصود بالحجر عليه حفظ المال دون النكاح ، فذلك لم يصح منه العقد في المال ، وصح منه العقد في النكاح .
والثاني : أنه لما صح منه رفع النكاح بالخلع والطلاق من غير إذن ، فأولى أن يصح منه عقد النكاح بإذن ، ولما لم يصح منه إنزاله ملكه عن الأقوال بالعتق والهبة بإذن ولا غير إذن ، لم يصح منه عقود الأموال كلها بإذن ولا غير إذن .