فصل : [ القول في حالات جواز النظر إلى الأجنبية ]
فإذا تقرر ما ذكرنا لم يخل من أحد أمرين : نظر الرجل الأجنبي إلى المرأة الأجنبية
إما أن يكون لسبب أو لغير سبب ، فإن كان لغير سبب منع منه لقوله تعالى : قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم [ النور : 31 ] ، ومنعت من النظر إليه لقوله تعالى : وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن [ النور : 31 ] ، ولأن نظر كل واحد منهما إلى صاحبه داعية إلى الافتتان به روي الفضل بن العباس وكان رديفه بمنى عن النظر إلى الخثعمية ، وكانت ذات جمال ، وقال : شاب وشابة ، وأخاف أن يدخل الشيطان بينهما . أن النبي صلى الله عليه وسلم صرف وجه
فإن نظر كل واحد منهما إلى عورة صاحبه كان حراما ، وإن نظر إلى غير العورة كان مكروها .
فإن كان النظر لسبب فضربان : محظور ومباح ، فالمحظور كالنظر بمعصية وفجور ، فهو أغلظ تحريما ، وأشد مأثما من النظر بغير سبب ، : والمباح على ثلاثة أقسام
أحدها : أن يكون لضرورة ، فيجوز أن ينظر إلى ما دعت الحاجة إلى علاجه من عورة وغيرها ، إذا أمن الافتتان بها ، ولا يتعدى بنظره إلى ما لا يحتاج إلى علاجه . كالطبيب يعالج موضعا من جسد المرأة
[ ص: 36 ] والقسم الثاني : أن يكون لتحمل شهادة أو حدوث معاملة ، فيجوز أن : لأنه إن كان شاهدا فليعرفها في تحمل الشهادة عنها ، وفي أدائها عليها ، وإن كان مبايعا فليعرف من يعاقده . يعمد النظر إلى وجهها دون كفيها
والقسم الثالث : أن يريد خطبتها فهو الذي جوزنا له تعمد النظر إلى وجهها وكفيها بإذنها وغير إذنها ، ولا يتجاوز النظر إلى ما سوى ذلك من جسدها ، وبالله التوفيق .