مسألة : قال الشافعي - رحمه الله تعالى - : " ولو وجده رجلان فتشاحاه أقرعت بينهما ، فمن خرج سهمه دفعته إليه ، وإن كان الآخر خيرا له لم يكن مقصرا عما فيه مصلحته " .
قال الماوردي : وهذا كما قال : إذا له لاستوائهما في الإسلام والحرية والأمانة ، فهذا على ضربين : اشترك نفسان في التقاط المنبوذ وهما من أهل الكفالة
أحدهما : أن يتنازعاه ويتشاحنا عليه ، فمذهب الشافعي وعليه جمهور أصحابه أن الحاكم يقرع بينهما لأنهما لما استويا ولم يمكن أن يشترك بينهما كانت القرعة بينهما ليتميز بها الأحق من غير تهمة .
قال تعالى : وما كنت لديهم إذ يلقون أقلامهم أيهم يكفل مريم [ آل عمران : 144 ] الآية ، ثم يتعين حق من قرع منهما في كفالته ، فإن أراد رفع يده عنه كان له ، ولم يجبر على إمساكه ، ويتسلمه الحاكم منه وهل يصير شريكه أولى بكفالته من غيره أم لا ؟ على وجهين : أحدهما هو أولى به من غيره لاختصاصه بالتقاطه ، وإن تقدم الآخر بالقرعة .
والوجه الثاني : أنه قد بطلت كفالته لما قرعه صاحبه وصار غيره سواء فيجتهد الحاكم [ ص: 40 ] فيه رأيه ، فهذا حكم ما ذهب إليه الشافعي من الإقراع بينهما عند التنازع ، وسواء كان من خرج بالقرعة أنفع له إذا لم يكن الذي خرج قرعته مقصرا أو كانا سواء ، وقال أبو علي بن خيران : لا قرعة بينهما عند التنازع ، ولكن يجتهد الحاكم فيهما رأيه فأيهما رآه أحظ له كان أولى بكفالته ولهذا القول وجه ، وإن خالف نص الشافعي غير أن تساويهما يمنع من تغليب أحدهما إلا بالقرعة ، كالبينتين إذا تعارضتا .