فصل : وإذا وسلم له بالثلثين فذلك جائز فإذا قدم الغائب الآخر ففيه وجهان : أخذ الشقص أحد الشفعاء الثلاثة عند غيبة الآخرين ثم قدم أحد الغائبين فصالح الحاضر على ثلث الشقص
أحدهما : أنه يرجع على الأول الذي بيده الثلثان فيأخذ نصف ما بيده وهو الثلث فيصير الشقص بينهم أثلاثا ليكونوا في الشفعة سواء ، ولا يكون لعفو الأول من القادمين أثر غير تأخير حق الثاني على الحاضر .
والوجه الثاني - وهو قول ابن سريج ومحمد بن الحسن - أن الشقص يكون بينهم على ثمانية عشر سهما : أربعة منها للعافي وسبعة لكل واحد من الآخرين ، ووجه ذلك أن العافي لما صالح على الثلث صار تاركا لثلث حقه ؛ لأنه كان مستحقا للنصف فاقتصر على الثلث فصار الشقص بينهم ثلاثة أسهم : سهم للعافي وسهمان للحاضر الأول فلما قدم الثالث استحق ثلث ما بيد العافي وهو ثلث السهم ، ضم إلى السهمين اللذين مع الأول تصير سهمين وثلثا فيكون بينهما فيصير لكل واحد منهم سهم وسدس فتضرب في مخرج السدس وهو ستة لتصح السهام فيكون ثمانية عشر سهما كان للعافي ثلاثة أسهم من ثلاثة تضرب له في ستة فيكون له أربعة أسهم من ثمانية عشر سهما ، وكان لكل واحد من الآخرين سهم وسدس من ثلاثة تضرب له في صحته فيكون له سبعة أسهم وللآخر مثلها .
[ ص: 263 ] وكلا الوجهين عندي مدخول ، والصحيح أن يكون الشقص بينهم على تسعة أسهم : سهمان للعافي وثلاثة أسهم للآخر وأربعة أسهم للمعفو عنه ووجه ذلك أن العافي لما صالحه على الثلث صار الشقص بينهما على ثلاثة أسهم ، سهم للعافي وسهمان للمعفو عنه ، فإذا قدم الغائب الآخر فله أن يرجع على العافي بثلث ما بيده ؛ لأن له ثلث الشفعة فيكون له ثلث سهم ويرجع على المعفو عنه بثلث ما بيده ، من السهمين فيكون ثلثي سهم فيصير جميع ما أخذه منهما سهما واحدا ، ويبقى على العافي ثلاثة أسهم وعلى المعفو عنه سهم وثلث فاضرب ذلك في مخرج الثلث وهو ثلاثة فيكون تسعة أسهم للعافي سهمان ؛ لأنه له ثلثي سهم في ثلاثة وللآخر منها ثلاثة أسهم ؛ لأنه له سهما في ثلاثة وللمعفو عنه أربعة أسهم ؛ لأن له سهما وثلثا في ثلاثة ، ولم يجز أن يكون الأخير مساويا للمعفو عنه ؛ لأنه غير المقصود بالمحاباة ، والعفو . والله تعالى أعلم .