فصل : وأما الحال الثالثة : وهو أن فهي مسألة الكتاب وصورتها أن يكون أحد الثلاثة حاضرا ، وقد غاب الآخران فللحاضر أن يأخذ جميع الشقص بالشفعة وليس له أن يقتصر منه على قدر حصته ؛ لأنه ممنوع في حق المشتري من تفريق صفقته ، فإن امتنع الحاضر من أخذ الكل ، وانتظر بالشفعة قدوم شريكيه ليأخذوها بينهم بالحصص ففي بطلان شفعته بذلك وجهان : يحضر بعضهم ويغيب بعضهم
أحدهما - وهو قول أبي إسحاق المروزي - أن شفعته لا تبطل بذلك ليكفي غرم الثمن فيما ينتزع من يده ، فعلى هذا إن قدم شريكاه فطلبا الشفعة كانت بينهم أثلاثا .
وإن عفوا قيل للأول الحاضر : ليس لك تفريق الصفقة على المشتري وأنت بالخيار بين أخذ الكل ، أو تركه .
والوجه الثاني : وهو الأظهر أن شفعته قد بطلت ؛ لأنه كان قادرا على الأخذ بها فكف ، فعلى هذا إن قدم الغائبان اشتركا في الشفعة بينهما وإن عفوا سقطت الشفعة عن المشتري ، ولا حق فيها للأول لبطلان شفعته .
[ ص: 262 ] فإذا وضح ما ذكرناه وأخذ الأول الحاضر كل الشقص بالشفعة ثم قدم ثان كان له أن يرجع على الأول بنصف ما بيده من الشقص بنصف الثمن ليكونا في الشقص سواء فإن رضي الثاني أن يقتصر من الأول على ثلث ما بيده من الشقص وهو قدر حصته عند اشتراكهم ، وامتنع الأول إلا أن يساويه بالنصف ، أو يعفو ففيه وجهان :
أحدهما : أن القول قول الأول ويمنع الثاني مما سأل ويقال له : إما أن تأخذ النصف ، أو تعفو كما يمنع الأول مع المشتري من ذلك ، والوجه الثاني أن القول قول الثاني وله أن يقتصر على الثلث ويجبر الأول عليه بخلاف الأول مع المشتري ولأن للمشتري صفقة يمنع من تفريقها عليه ، وليس للأول صفقة تفرق عليه وإنما هو عفو عن بعض ما استحق له فإذا وضح ما ذكرنا وأخذ الثاني من الأول نصف الشقص بنصف الثمن ثم قدم الثالث كان له أن يأخذ من كل واحد من الأول ، والثاني ثلث ما بيده بثلث الثمن وهو سدس الكل فيصير الشقص حينئذ بينهم أثلاثا ، وعهدة جميعهم على المشتري ؛ لأن الشفعة مستحقة لجميعهم ، وليس أخذ بعضهم من بعض ما يدل على استحقاق الشفعة على المأخوذ منه . فعلى هذا لو أن الثالث عفا عن شفعته استمرت للأول ، والثاني نصفين ولو عفا الثاني وطالب الثالث جعلت بينهما نصفين .