مسألة : قال الشافعي رضي الله عنه : " فإن شهدوا أنهم رأوا في يديه مالا سألته ، فإن قال : مضاربة ، قبلت منه مع يمينه " .
قال الماوردي : وهذا صحيح ، لم يجز إلا أن يقيموا البينة بيساره : لأنه قد ثبت إعساره فلم تقبل دعوى اليسار إلا ببينة ، كما أنه إذا أطلق المفلس بعد ثبوت إعساره فادعى غرماؤه أنه قد أيسر وسألوا الحجر عليه الإعسار بعد يسار لم تقبل دعواه إلا ببينة ، فإن لم تقم البينة بيساره فالقول قوله مع يمينه بالله أنه على إعساره وهو على إطلاقه ، وإن نكل عن اليمين حلف الغرماء على يساره وحبس حتى يبين أمره ، وإن كان الغرماء حين ادعوا عليه اليسار أقاموا عليه البينة نظر في البينة ، فإن قالوا نشهد أنه قد أيسر لم يحكم بهذا القول منهم حتى يذكروا ما به صار موسرا ، ويصفوه إن كان غائبا ، ويعينوه إن كان حاضرا ، فإن عينوه أو وصفوه [ ص: 336 ] نظر في شهادتهم ، فإن شهدوا له بملك ذلك المال لم يحتج الحاكم إلى سؤاله وقسمه بين غرمائه ، فإن شهدوا بأنهم رأوا المال في يده ولم يشهدوا له بملك سئل المفلس عنه فإن ادعا إما ملكا لنفسه قسمه الحاكم بين غرمائه وإن لم يدعه ملكا سئل عن مالكه ، فإن لم يذكره أحلف الغرماء واستحقوا حبسه دون أخذ المال واستكشف الحاكم عن حاله حتى يبين ، فإن ذكر مالك المال وقال هو مضاربة أو وديعة لفلان فلا يخلو حال فلان المقر له بالملك من أن يكون حاضرا أو غائبا ، فإن كان غائبا فالقول فيه قول المفلس مع يمينه ، فإن حلف فهو على إطلاقه ، وإن نكل ردت اليمين على الغرماء ، فإن حلفوا لم يحكم لهم بالمال ولكن يحبس لهم المفلس حتى ينكشف أمره ؛ لأنه قد يحتمل أن يكون صادقا ويحتمل أن يكون كاذبا ، فإن كان المقر له بالمال حاضرا سئل عنه ، فإن أنكر وأكذب المفلس في إقراره نزع المال من يده وقسم بين غرمائه وحبس لهم به ، وإن صدقه واعترف به فهل يجب على المفلس فيه اليمين أم لا ؟ على وجهين : لو ادعى
أحدهما : عليه اليمين لاحتماله كما لو أقر به الغائب .
والثاني : لا يمين عليه لأنه لو رجع عن إقراره لم يقبل فلم يكن لزجره باليمين تأثير ، والله أعلم .