مسألة : قال الشافعي رضي الله عنه : " ولو كان أحق بفضته " . أسلفه فضة بعينها في طعام ثم فلس
قال الماوردي : وصورتها في رجل أسلم فضة في طعام موصوف ففلس المسلم إليه فلا يخلو حال الفضة التي كانت ثمنا من أحد أمرين :
إما أن تكون باقية أو مستهلكة ، فإن كانت الفضة باقية في يد المفلس ، فللمسلم أن يرجع بها لأمرين :
أحدهما : أنه لما جاز أن يرجع بعين ماله إذا كان مثمنا جاز أن يرجع بعين ماله إذا كان ثمنا .
والثاني : أنه لما جاز بالفلس فسخ البيع المنبرم فأولى أن يجوز به فسخ السلم الذي ليس بمنبرم ، ؟ على وجهين : وإن كانت الفضة مستهلكة فهل يستحق بحدوث الفلس خيارا في فسخ السلم أم لا
أحدهما وهو قول أبي إسحاق المروزي : له الخيار في فسخ السلم : لأنه لما استحق بالفلس خيار الفسخ بتعجيل الثمن وتأخير المثمن استحقه بتعجيل الثمن وتأخير المثمن .
والوجه الثاني وهو أصح وبه قال الجمهور : أنه لا خيار له في الفسخ لأن الفسخ [ ص: 309 ] بالفلس إنما يستحق إذا ارتفع به الضرر عن البائع في استرجاع عين ماله حتى لا يزاحمه الغرماء ويصل إلى جميع حقه ، وفسخ السلم لا يستفاد به هذا المعنى لأنه يشارك الغرماء به إذا فسخ كما يشاركهم إذا لم يفسخ ، فللضرر لاحق به في الحالين فلم يكن لفسخه معنى ، فإذا قيل بالوجه الأول عنه يستحق الفسخ فهو بالخيار بين أن يقيم على السلم ويضرب مع الغرماء بقيمة الطعام ، وبين أن يفسخ السلم ويضرب مع الغرماء بالثمن ، وإذا قيل بالوجه الثاني فإنه يضرب مع الغرماء بقيمة الطعام ، وهو أن يقوم الطعام الذي أسلم فيه على صفته وقدره بسعر وقته ، فإذا بلغت قيمته ألفا صار حقه ألفا فيضرب بها مع الغرماء ، فإذا خرج قسطه بمزاحمة الغرماء خمسمائة لأن مال المفلس بإزاء نصف ديونه لم يدفع إليه الدراهم واشترى له بها طعاما ، لأن قبضه للدراهم بيع للطعام قبل قبضه وذلك غير جائز ، فيولي الحاكم شراء الطعام له بالخمسمائة ، فربما اشترى بسعر ما قوم فيحصل له نصف طعامه ، وربما اشترى بأزيد من القيمة لغلاء السعر فيحصل له أقل من النصف ، وربما اشترى بأنقص من القيمة لرخص السعر فيحصل له أكثر من النصف فيحسب عليه من طعامه قدر ما قبض بالشراء من زيادة ونقص دون ما قومه به حين ضرب مع الغرماء بقيمته ، وكان ما بقي أن يبقى دينا له عليه في ذمة المفلس على ما يستفيده من المال فيما بعده ، والله أعلم .