مسألة : قال الشافعي رضي الله عنه : " ولو أصاب المرتهن بعد القبض بالرهن عيبا فقال كان به قبل القبض فأنا أفسخ البيع ، وقال الراهن بل حدث بعد القبض فالقول قول الراهن مع يمينه إذا كان مثله يحدث " .
قال الماوردي : وهذا كما قال إذا فلا يخلو حال العيب من ثلاثة أحوال : وجد الرهن معيبا ، فادعى المرتهن تقدم العيب ليفسخ به البيع ، وادعى الراهن حدوثه ليمنع المرتهن من فسخ البيع ،
أحدها : ألا يمكن حدوث مثله بعد القبض كالأصبع الزائد ، فالقول قول المرتهن في تقادم العيب بلا يمين لعلمنا بصدقه وكذب الراهن ، فإن ادعى الراهن أن المرتهن كان عالما بهذا العيب لم تسمع منه هذه الدعوى : لأنه بادعائه حدوث العيب في يد المرتهن مكذب لنفسه فيما يدعيه من تقدم علم المرتهن .
والحال الثانية : ألا يمكن تقدم مثله قبل القبض كالشجة الدامية إذا وجدت به في الحال ، وقد تقدم قبض الرهن سابقا فالقول قول الراهن بلا يمين ، لعلمنا بصدقه وكذب المرتهن ، وليس للمرتهن فسخ البيع .
والحال الثالثة : أن يمكن حدوث مثله بعد القبض ويمكن تقدمه قبل القبض ، فإن كانت لأحدهما بينة تشهد له بما يدعيه عمل عليها .
والبينة شاهدان ، أو شاهد وامرأتان ، أو شاهد ويمين ، وإن لم يكن لأحدهما بينة ، فالقول قول الراهن مع يمينه لأمرين :
أحدهما : أن المرتهن بدعواه يريد فسخ عقد قد ثبت ، فلم يقبل منه .
والثاني : أنه يدعي تقدم عيب لم يشاهده إلا في يده فلم يقبل منه .
فإن حلف الراهن ، لم يكن للمرتهن فسخ ، وإن نكل الراهن ردت اليمين على [ ص: 185 ] المرتهن ، فإن حلف ثبت له الفسخ ، وإن نكل المرتهن أيضا لم يكن له الفسخ ، والله أعلم .