الحكم الثامن : إذا حل من حجه نحره في الحج بمنى ، وفي بعد الفراغ من السعي عند عمرته المروة ، وفي ( الكتاب ) : إذا حاضت المعتمرة بعد دخول مكة قبل الطواف ومعها هدي لا تنحره حتى تطوف وتسعى ، وإن كانت تريد الحج وخافت الفوات ، ولم تستطع الطواف للحيض أهلت بالحج ، أوقفت الهدي بعرفة ونحرته بمنى وأجزأها لقرانها ، ومن اعتمر في أشهر الحج وساق معه هديا فطاف لعمرته وسعى نحره إذا تم سعيه ثم يحلق أو يقصر ، ولا يؤخره إلى يوم النحر ، فإن أخره لم يبق محرما وأحرم يوم التروية ، وأول العشر أفضل ، فإن أخره فنحره عن متعته اقتداء لم يجزئه لتعينه ، ثم قال : يجزئه ، وقد فعله الصحابة رضوان الله عليهم ، قال سند : عند الجمهور ; لأنه عليه السلام نحر عمن اعتمر من نسائه بقرة . فالتي تريد القران ينقلب هديها لقرانها كما ينقلب إحرامها ، وفي الصحيحين : الهدي مشروع في العمرة عائشة رضي الله عنها : خرجنا مع النبي - عليه السلام - عام حجة الوداع فأهللنا بعمرة ثم قال النبي عليه السلام : ( من كان معه هدي فليهل بالحج مع العمرة ) وظاهره أنه بعد الإحرام ، وأن هديهم ذلك يجزئهم عن القران ، وروي عن قالت مالك : يهدي غيره أحب إلي ، وقاله ابن القاسم ، وهو القياس [ ص: 364 ] لتعين الهدي قبل نية القران ، ووافقنا ( ش ) في تأخير المعتمر هديه ، وأنه يحل ، وقال ( ح ) : لا يحل حتى يحج وينحر لقوله تعالى : ( وابن حنبل ولا تحلقوا رءوسكم حتى يبلغ الهدي محله ) [ البقرة 196 ] وفي ( الموطأ ) : حفصة رضي الله عنها : قلت يا رسول الله : ما شأن الناس حلوا ولم تحل أنت ؟ فقال : ( إني لبدت رأسي وقلدت هديي فلا أحل حتى أنحر ) والجواب عن الأول : أن الهدي قد بلغ محله عند قالت المروة ، وعن الثاني : أن عمرته كانت مع الحج معا ، وفي الصحيحين : ( ذي الحليفة ، وبدأ فأهل بالعمرة ثم أهل بالحج ) وإذا أهدى لعمرته لا يقصد التمتع : قال تمتع عليه السلام في حجة الوداع بالعمرة إلى الحج ، وساق الهدي معه من عبد الحق : لا يجزئه على تمتعه عن القولين ، قال : وليس كما قال ، بل الخلاف جار فيها ، وإن قصد به التمتع فقد كرهه ابن القاسم في الصورتين ، أما في الأولى فلتعينه نافلة ، وأما الثانية فلتعينه قبل سبب وجوبه كالصلاة قبل الوقت ، وفي ( الكتاب ) : إذا ، فإن أدرك هديه لم ينحره حتى يحل ، وإن لم يدركه فلا شيء عليه ، وإن كان هذا الهدي قد ارتبط بإحرام الأول فإن ذلك الحكم ينقطع ، كما لو أحضر الرسول وأمكن ربه الوصول ؛ ولأن الأصل أقوى من الفرع . والموكل متمكن من عزل الوكيل ، قال بعث بهدي تطوع مع رجل حرام ثم خرج بعده حاجا سند : فلو كان الرسول دخل بحج ثم دخل ربه بعمرة ، قال في ( الموازية ) : يؤخره حتى ينحره في الحج ; لأن النحر في الحج أفضل من العمرة لجعل الشرع له زمانا معينا ، وما اعتنى الشرع به يكون أفضل . فإن سبق الهدي في عمرته ودخل به بعمرة [ ص: 365 ] فأراد تأخيره حتى يحج من عامه ، قال مالك : لا يؤخره لقوله تعالى : ( ولا تحلقوا رءوسكم حتى يبلغ الهدي محله ) [ البقرة 196 ] .