الفصل الثالث في موضعه ، وهو خمسة : العنوة ، والصلح ، ودار الحرب ، والفيافي ، والمجهول الحال ، وفي ( الكتاب ) : ما وجد في الفيافي أو أرض العرب فهو لواجده وعليه الخمس ، لقوله عليه السلام : ( الخمس الركاز ) ، العجماء جبار والبئر جبار ، [ ص: 68 ] والمعدن جبار ، وفي وفيه الخمس ، أو بأرض الصلح فهو للذين صولحوا ولا يخمس ، ولو وجد في دار أحدهم إلا أن يجده رب الدار فهو له خاصة ، إلا أن يكون ليس منهم فيكون لهم دونه أو بدار الحرب فهو لجميع الجيش . قال وما وجد في أرض العنوة فهو لجميع من افتتحها من المسلمين سند : في أرض الصلح ثلاثة أقوال : للإمام ، مراعاة لعقد الصلح ، وقال ابن نافع : هو لمن وجده ; لأن عقد الصلح لم يتناوله . وقال أشهب : إن جاز أن يكون لهم كان لقطة يعرف فيكون لمن عرفه ، وإن لم يجز أن يكون لهم بسبب أن لكل ملة سكة وعلامات ، ولا لمن له ذمة ، ولا لوارث ذي ذمة ، فهو لواجده وفيه الخمس ، وفي ( الجواهر ) : لأهل الصلح وإن كان واجده منهم ، وإذا قلنا : إنه لقطة حلف مدعيه في الكنيسة ، وقال أصبغ : هو لواجده كان في أرض الصلح أو العنوة أو للعرب ، نظرا إلى أن الموجب لاستحقاق ما فوق الأرض من فتح أو صلح أو إسلام لا يوجب استحقاق ما تحتها ، ويقويه مالك في ( الكتاب ) : إن ، ولم يكن في أرض العرب من يدفن المال ، وإنما يستقيم ذلك في ما في قبور الجاهلية لواجده فارس والروم ، والذين بلادهم عنوة . قال سند : وقال أشهب : إن كان لأهل العنوة أو ورثتهم فهو لأهل الفتح ، وإن كان عاديا فهو لواجده ; لأنه كالصيد والحشيش ، ولا يستحق الجيش إلا ما كان بأيدي من قاتلوه . وإذا قلنا : للجيش ، فإن كان موجودا خمس ودفع إليهم باقيه ، ومن غاب رفع له نصيبه كالغنيمة ، وإن انقرض الجيش ولم تنضبط ذريته : قال : هو كاللقطة يفرق على مساكين تلك البلدة إن كانوا من بقايا أهل الفتح ، والاجتهاد فيه للإمام ، وقال سحنون أشهب : هو لعامة المسلمين ، وعلى القولين يدفع للسلطان العدل ، فإن لم يكن عدلا أخذ [ ص: 69 ] واجده خمسه وعمل في باقيه ما يعمله في اللقطة ، ولو : ففي ( الكتاب ) : هو لجماعة الجيش الذين مع الواجد ; لأنه إنما أخذه بهم . وعلى قول وجد في دار الحرب قبل الفتح من دفن الجاهلية يختص به واجده إذ لا ملك للكفار عليه . وعلى قول ابن الماجشون أشهب إن كان عاديا فلواجده وفيه الخمس ، وإن كان لأهل تلك الدار أو لمن هو من ورثتهم فهو غنيمة للجيش ، ويخمس جميعه عينا أو عرضا . ولو وجد بين أرض الصلح والعنوة : قال : إذا جهل أعنوة هو أم صلح ؟ فهو لواجده ، لعدم تعيين غيره . قال : وما تقدم إنما هو في موات الأرض . أو ما وجد في ملك أحد من العنوة أو الصلح أو غيرهما ، فإن وجده صاحب الدار أو الأرض فهو له عند سحنون عبد الملك ، وقاله ابن القاسم : في غير العنوة . أما من وجده في دار غيره فلرب الدار عند مالك ; لأن يده على ظاهرها فيكون على باطنها . وقاله ابن القاسم في أرض الصلح ، ولا فرق عنده بين أن يكون رب الدار هو الواجد ، وهو من أهل الصلح ، أو وجد في داره ; لأن يده على داره ، وهو المراد بفتواه في ( الكتاب ) . وقال مالك أيضا : هو لمن وجده إن كان جاهليا كالصيد يختص به السابق إليه . وعلى الأول : لو انتقلت إليه بالتملك فهو للبائع ، وعند مالك والشافعية : إن ادعاه البائع ، فعلى هذا لو كانت الدار موروثة وقسمت كانت لجملة الورثة . ويقضي منه دين الميت إلا أن يكون الميت اشترها كما تقدم ; لأن العقود إنما تنقل ما حصل به الرضا حالة المعارضة . والمجهول لا يدخل تحت الرضا . فإن ادعاه المبتاع دون البائع وأنه الذي حفظه في موضعه قضي له به لليد مع عدم المعارضة . وعلى القول بأن ما يوجد في الدار لربها : يحلف أنه ما وجده فيها . وعلى قول ابن نافع : لا يحلف ، فإن ادعاه البائع دون المبتاع فلا يدفع له على قول ابن نافع حتى تثبت صحة ما ادعاه ، فإن ادعاه رب الدار والمستأجر : فالقول قول المستأجر عند ابن نافع . وقول رب الدار عند غيره ، نظرا إلى استيلاء اليد أو اشتمال الدار عليه كاليد . أما ما وجد عليه علامة الإسلام كالقرآن وأسماء الخلفاء [ ص: 70 ] فهو لقطة ، ليس بركاز . وإنما الركاز في أموال الكفار على ظهر الأرض أو بطنها في البر أو البحر . فإن أشكل فلواجده ويخمس لعدم تحقق المعارض . وفي ( الجواهر ) : ما لفظه البحر ولم يتقدم عليه ملك فلواجده لا يخمس لعدم شبهه بالخمس ، وإن تقدم عليه ملك معصوم : فهل هو لواجده ; لأن الترك بالفعل كالترك بالقول وهو صحيح ، أو لربه ؟ روايتان ، أما لو تركه بغير اختياره لعطب البحر فلصاحبه ، وعليه لجالبه كراء مؤنته ، وكذلك المتروك بمضيعة بالبر أو البحر ، أو عجز عنه ربه ، فيه خلاف .
فرع : كره في ( الكتاب ) : ، والطلب فيها من غير تحريم ، قال : وفي ركازها الخمس ، أما الكراهة : فحذرا من مواطن العذاب ، أو من أن يصادف قبر نبي أو ولي ، أو لقوله صلى الله عليه وسلم : ( حفر قبور الجاهلية لا تدخلوا على هؤلاء المعذبين إلا وأنتم باكون ) فلا يدخل للدنيا . وفي أبي داود أبي رغال ، وكان بهذا الحرم يدفع عنه ، فلما خرج منه أصابته النقمة التي أصابت قومه بهذا المكان فدفن فيه ، وآية ذلك : أنه دفن معه غصن ذهب إن أنتم نبشتم عنه أصبتموه معه ) فابتدره الناس وأخرجوا الغصن تحقيقا لصدقه عليه السلام . قال أنه عليه السلام مر بقبر فقال : هذا قبر سند : لم يكرهه أشهب قياسا لمماتهم على حياتهم ، فإن كان نفس القبر رصاصا أو رخاما خمس على الخلاف ; لأنه منقول بخلاف ما يكون جدارا في الأرض فإنه تابع للأرض لا يخمس كالأرض .