الفصل السادس : في سجدتي السهو .
وفيه فروع سبعة :
الأول : قال في الكتاب : إذا سها عن السجود الذي قبل السلام ، سجد إن كان قريبا ، وإلا استأنف الصلاة . قال صاحب الإشراف : مقتضى المذهب وجوب ، قال صاحب الطراز : قال السجود للنقصان عبد الملك و ( ش ) : ، وقال ( ح ) : هما واجبتان وليستا شرطا في الصلاة . لنا ما في لا تفسد الصلاة - بتركها مسلم قال : ابن مسعود - والأمر للوجوب ، وكل صلينا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - فإما زاد أو نقص ، فقلنا : يا رسول الله ، أحدث في الصلاة شيء ؟ فقال : وما ذاك ؟ فقلنا له : الذي صدر ، فقال : إذا زاد الرجل أو نقص فليسجد سجدتين بطلت لأجل عدمه ; حجة ( ش ) : أنه فرع عن ترك السنة ، والفرع لا يزيد على الأصل . ما يجب داخل الصلاة
جوابه : أنه ليس من شرط سبب الوجوب أن يكون مشروعا فضلا عن الوجوب ، بل يكون حراما كالجنايات مع العقوبات ، ومباحا كشراء الرقيق مع النفقات ، ومندوبا كالنكاح مع سد الخلات من الزوجات .
[ ص: 322 ] تفريع
إذا قلنا : إن الصلاة تجزئ بدونه وذكره بالقرب ، سجد - تكلم أو لم يتكلم - قاله ( ش ) ، وقال ( ح ) : إن تكلم بعد السلام لم يسجد ، وقال الحسن : إن صرف وجهه عن القبلة لم يسجد ; لنا الأحاديث المتقدمة . وإن ذكره بعد الطول ، ففي الكتاب إن كان عن ثلاث أو أكثر من سمع الله لمن حمده أو التكبير ، حتى إذا طال كلامه أو قام فأكثر ، بطلت صلاته ; قال صاحب الطراز إذا طال : ستة أقوال : وابن سيرين
الأول ما في الكتاب ; لأن الخلل إذا كثر أفسد كالغرر في البيع ، فيستحب السجود لاثنتين ويجب لثلاث ، ولا تبطل مطلقا لعبد الملك بناء على أنه سنة ، وتبطل مطلقا في الأقوال ، والأفعال ، والقليل ، والكثير - لمالك ، لمشروعيته قبل السلام ، ووجوبه فتبطل الصلاة للطول كالأركان ، ويسجد إلا أن ينتقض وضوءه فتبطل لأشهب ، لمشابهة الصلاة الطهارة في إبطال الحدث لهما ، فلا تجب الموالاة فيهما مع السهو ، ويمنع الحدث البناء فيهما ، ويسجد مطلقا كسجود الزيادة ، وتبطل إن وجب عن الأفعال إن طال أو أحدث ، بخلاف الأقوال ، قولان ; لأن الفعل متفق على السجود له ، ولا يحمل الإمام مفروضه فيتأكد ، وقول سابع في الجواهر : تبطل الصلاة إن كان عن الجلسة الوسطى أو الفاتحة وركعة . وهل يسقط السجود إن طال مع الأقوال أم لا ؟
فرع
قال مالك في الموازية : إن ذكرهما بالقرب يحرم لهما ، ويسجدهما في موضع ذكره ، إلا في الجمعة لا يسجدهما إلا في المسجد ، وكذلك السلام وغيره ; فإن [ ص: 323 ] فعل ذلك في غير المسجد لا تجزيه الجمعة ، وقد تقدم في الرعاف خلاف ابن شعبان في ذلك .
الثاني في الكتاب : ; لأن الصلاة قد تمت وهو قربة منفصلة عنها . وظاهر كلامه جواز ذلك عند طلوع الشمس وعند غروبها ، وقد قال في الموازية : فإن كان عن نافلة ، قال صاحب النكت عن بعض الشيوخ : لا يأتي به في وقت تمنع فيه النافلة ، قال صاحب الطراز : وظاهر الكتاب التسوية ; لأنه واجب مفارق للنوافل . يأتي بالسجود الذي بعد السلام ولو بعد شهر
الثالث في الجواهر : ; لما في الدارقطني : قال - عليه السلام - : الإمام يحمل عن المأموم سجود السهو ، ليس على من خلف الإمام سهو ، فإن سها الإمام فعليه وعلى من خلفه ، كما يتبعه في سجود التلاوة ; فإن لم يعقد ركعة لم يتبعه عن ويلزم المسبوق أن يسجد مع الإمام إن كان قبل السلام وعقد معه ركعة ابن القاسم ; لأنه لم يدرك صلاته ، وقال : يتبعه كالتشهد ، وفي الكتاب : لا يسجد معه قبل ولا بعد ولا يقضيه . قال صاحب الطراز : فلو سحنون حمله ; لأنه مأموم حينئذ ، فلو سها المأموم قبل سلام الإمام لم يسجد معه ، سها الإمام في الجلسة الأخيرة فيحتمل عدم سجود المأموم ، لكونه في غير صلاة نفسه ، والسجود لكونه سهوا وقع في إحرامه مضافا لموافقة الإمام ، فإن أدرك ولم يسجد الإمام سجد المأموم ، وقاله ( ش ) ، كما لو سلم الإمام من ثلاث ، فإن المأموم يكمل ، وخالف ( ح ) محتجا بأنه لم يسه ، وإنما كان يسجد تبعا لا متبوعا فلا سجود . ولو سهيا جميعا فيها
وجوابه : منع الحصر ، وإذا قلنا يسجد فقد خيره مالك ، واستحب [ ص: 324 ] له ابن القاسم الانتظار ، وحتمه عليه ; فلو سجد معه لم يجزه ، ويعيده بعد السلام عند ابن الماجشون ابن القاسم استحبابا - جاهلا كان أو عامدا ; فلو أخر السجود فسها هو في قضاء زيادة ، أجزأه سجدتان اتفاقا ; أو نقصانا سجدتان عند ابن القاسم قبل السلام تغليبا للنقص ، وبعده عند تغليبا لحكم الإمام ; فلو استخلف الإمام هذا المسبوق فسها في القضاء نقصا فالقولان ، ولو سها فيما استخلفه نقصا فسجدتان قبل السلام عند ابن الماجشون ابن القاسم ، وقال أيضا : بعد تغليبا لحكم الإمام الأول ، وفي الجواهر : إن ، سجده المأموم ، وإن كان قبل ، قال في الكتاب : يسجد معه ويجزيه ، وقال ترك الإمام سجودا بعد السلام أشهب : لا يسجد حتى يقضي ، فإن سجد معه ثم سها في قضائه سجد عند ابن القاسم أيضا ، وقال : لا يسجد ، لو استخلف سجد بهم عند ابن الماجشون ابن القاسم قبل القضاء ، وعند أشهب بعده ; فإن ، ففي الكتاب سجد المأموم معه . أخر الإمام السجود قبل السلام بعده
سؤال : السجود واجب فيكون السلام قبله سلاما في أثناء الصلاة فيمتنع موافقة الإمام فيه ، كالمقيم إذا ائتم بمسافر وكالمسبوق ; فكان ينبغي أن يسجد معه بغير سلام .
جوابه : مخالفة الإمام ممنوعة ، والمقيم المسبوق لم يخالف الإمام ، فإنه لما سلم خرج من الإمامة معهم بفعلهم ، وتركهم حالة الانفراد ، وهاهنا لو ترك السلام مع أنه متبع له في السجود كان مخالفا له - مع بقاء حكمه .
تفريع
لو لم يسلم معه وسجد ، قال صاحب الطراز : الظاهر الإجزاء ; لأن الإمام [ ص: 325 ] هو المخطئ في تأخير السجود ، ولو شرع في السجود حالة سلام الإمام - ولم يتبعه فيه فقد أساء ويجزيه ; لأن سجود الإمام لم يقع في الصلاة فلم يخالفه .
الرابع في الكتاب : إن أحدث فيهما أعادهما ، خلافا ( ح ) ; قال صاحب الطراز : وقال أشهب : إن توضأ وكملهما أجزأه ، فلو ، قال أحدث الإمام بعد سجدة أشهب : لمن خلفه أن يكملهما ، وابتداؤهما أحسن .
الخامس في الكتاب : إذا لم يدر أسجد اثنتين أم لا ؟ سجد أخرى ، ولا يسجد لسهوه ; لأنه إذا لم يكمل سجوده تداخل السهو على القاعدة ، قال صاحب الطراز : فلو سجد قبل السلام وسها فتكلم قبل أن يسلم ، قال ابن حبيب : يسجد لسهوه بعد السلام ، وعلى قول يسجد ثم يسهو ألا يسجد فلا يسجد هاهنا ، فلو ابن الماجشون ; فلا يسجد الأخرى ، ويسجد بعد السلام ، وكذلك لو سجدهما ; فلو شك : هل سجدهما لفرضه أو لسهوه ; ففي الموازية عليه أربع سجدات . ذكر أنه نقص من صلاته فسجد واحدة ثم تذكر
السادس في الكتاب : إذا لا يفسدها بخلاف ما قبل السلام ; لشدة تعلقه بالصلاة ، قال صاحب الطراز : وعلى القول بأنهما لا يبطلان الصلاة مع الطول لا يقطع ، وعلى الأول : يرجع إلى السهو من غير قطع ما هو فيه بسلام أو كلام عند ذكر سجودا بعد السلام في نافلة أو مكتوبة ابن القاسم ، كما لو يرجع لحينه من غير كلام ; فإن طالت القراءة في الحاضرة ; بطلت الأولى ، وكذلك إذا لم تطل القراءة وركع مراعاة للطول ، وهل يعتبر في [ ص: 326 ] الركوع الرفع بخلاف المعروف ; وإذا بطلت الأولى ، وهو في نافلة كملها أو في فريضة ، ففي الكتاب إن صلى ركعة شفعها عند ذكر السجود خارج الصلاة مالك ; فإن ، ففي الكتاب : إن كان سجود بعد السلام تمادى ، أو قبله والوقت قريب لم يقطع ، إلا أن يكون لم يركع فيرجع للسجود ثم لنافلته - إن شاء ، قال صاحب الطراز : لا يقضي الحاضرة لأنها فسدت بغير قصده ، ولو ذكره في مكتوبة ، قال ذكر سجود سهو نافلة في نافلة مالك : يتمادى - ركع أو لم يركع ، خلافا لابن عبد الحكم ; لأن الفرض لا يترك للنفل ، وابن عبد الحكم يلاحظ وجوب النافلة بالشروع .
السابع : كان مالك يقول : يكبر للتين بعد السلام قياسا على سجود التلاوة ، ورجع للإحرام قياسا على الصلوات ، وتكفي تكبيرة واحدة للإحرام والدخول ، وفي الجواهر يكبر للابتداء والرفع ، ويتشهد للتين بعد السلام ، وفي اللتين قبله روايتان ، قال صاحب الطراز : من اشترط الإحرام اشترط السلام ; لأن الإحرام لا بد له منه ، ومن لا فلا ، والكل مروي في الأحاديث ، وهل يجهر به كالصلوات ، أو يسره كالجنازة ؟ روايتان . والله أعلم .