النوع الثالث والعشرون
معرفة ، وما يتعلق بذلك من قدح وجرح وتوثيق وتعديل صفة من تقبل روايته ومن ترد روايته
أجمع جماهير أئمة الحديث والفقه على : أنه يشترط فيمن يحتج بروايته أن يكون عدلا ، ضابطا لما يرويه ، وتفصيله أن يكون مسلما ، بالغا ، عاقلا ، سالما من أسباب الفسق وخوارم المروءة ، متيقظا غير مغفل ، حافظا إن حدث من حفظه ، ضابطا لكتابه [ ص: 105 ] إن حدث من كتابه .
وإن كان يحدث بالمعنى اشترط فيه مع ذلك أن يكون عالما بما يحيل المعاني ، والله أعلم .
ونوضح هذه الجملة بمسائل :
إحداها :
تارة تثبت بتنصيص معدلين على عدالته ، وتارة تثبت بالاستفاضة ، فمن اشتهرت عدالته بين أهل النقل أو نحوهم من أهل العلم ، وشاع الثناء عليه بالثقة والأمانة ، استغني فيه بذلك عن بينة شاهدة بعدالته تنصيصا ، وهذا هو الصحيح في مذهب عدالة الراوي رضي الله عنه ، وعليه الاعتماد في فن أصول الفقه . الشافعي
وممن ذكر ذلك من أهل الحديث أبو بكر الخطيب الحافظ ، ومثل ذلك بمالك ، وشعبة ، والسفيانين ، ، والأوزاعي والليث ، ، وابن المبارك ، ووكيع ، وأحمد بن حنبل ، ويحيى بن معين ، ومن جرى مجراهم في نباهة الذكر واستقامة الأمر ، فلا يسأل عن عدالة هؤلاء وأمثالهم ، وإنما يسأل عن عدالة من خفي أمره على الطالبين . وعلي بن المديني
وتوسع الحافظ في هذا فقال : " كل حامل علم معروف العناية به فهو عدل ، محمول في أمره أبدا على العدالة حتى يتبين جرحه ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم : " ابن عبد البر يحمل هذا العلم من كل خلف [ ص: 106 ] عدوله " ، وفيما قاله اتساع غير مرضي ، والله أعلم .