[ ص: 51 ] مقدمة في علم ناسخ الحديث ومنسوخه
أصل كلمة النسخ - النسخ في اللغة - - حد النسخ وشرائطه - الجمع بين الأحاديث المتعارضة - أمارات النسخ - وجوه الترجيح وعددها خمسون وجها . معنى النسخ في الكتاب والسنة
مقدمة في علم الناسخ والمنسوخ
اعلم أن النسخ له اشتقاق عند أرباب البيان ، وحد عند أصحاب المعاني ، وشرائط عند العالمين بالأحكام .
أما أصله : فالنسخ في اللغة عبارة عن إبطال الشيء وإقامة آخر مقامه .
وقال أبو حاتم : الأصل فيه النسخ ، وهو أن يحول ما في الخلية من العسل والنحل في أخرى ، ومنه نسخ الكتاب ، وفي الحديث : ثم النسخ في اللغة موضوع بإزاء معنيين : ما من نبوة إلا وتناسختها فترة
أحدهما : الزوال على جهة الانعدام .
والثاني : على جهة الانتقال .
أما : النسخ بمعنى الإزالة فهو أيضا على نوعين
نسخ إلى بدل : نحو قولهم : نسخ الشيب الشباب ، نسخت الشمس الظل ، أي : أذهبته وحلت محله .
[ ص: 52 ] ونسخ إلى غير بدل : إنما هو رفع الحكم وإبطاله من غير أن يقيم له بدلا ، يقال : نسخت الريح الآثار ، أي : أبطلتها وأزالتها .
وأما النسخ بمعنى النقل فهو نحو قولك : نسخت الكتاب إذا نقلت ما فيه ، وليس المراد به إعدام ما فيه ، ومنه قوله تعالى : إنا كنا نستنسخ ما كنتم تعملون يريد نقله إلى الصحف ، ومن الصحف إلى غيرها ، غير أن المعروف من النسخ في القرآن هو إبطال الحكم مع إثبات الخط ، وكذلك هو في السنة .
أما فهو أن تكون الآية الناسخة والمنسوخة ثابتتين في التلاوة ، إلا أن المنسوخة لا يعمل بها مثل : عدة المتوفى عنها زوجها كانت سنة ؛ لقوله - تبارك وتعالى - : في الكتاب متاعا إلى الحول غير إخراج ، ثم نسخت بأربعة أشهر وعشر في قوله تعالى : يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا .
وأما في السنة فعلى نحو من ذلك أيضا ؛ لأن الغالب أنهم نقلوا المنسوخ كما نقلوا الناسخ .
وأما حده فمنهم من قال : إنه بيان انتهاء مدة العبادة ، وقيل : بيان انقضاء مدة العبادة التي ظاهرها الدوام ، وقال بعضهم : إنه رفع الحكم بعد ثبوته .
وقد أطبق المتأخرون على ما ذكره القاضي : أنه الخطاب الدال على [ ص: 53 ] ارتفاع الحكم الثابت بالخطاب المتقدم على وجه لولاه لكان ثابتا به مع تراخيه عنه ، وهذا حد صحيح .