[ ص: 385 ] ذكر ما يدل على النسخ
قرأت على أبي طالب زيد بن الحسين الحسيني المديني بها ، أخبرك أبوك الفرج سعيد بن بكر الدوري ، أخبرنا أحمد بن محمد بن النعمان ، أخبرنا محمد بن إبراهيم الخازن ، أخبرنا أخبرنا إسحاق بن أحمد الخزاعي ، حدثنا محمد بن يحيى بن أبي عمر ، هشام وعبد المجيد ، عن قال : أخبرني ابن جريج ، عطاء ، أنه سمع يقول : جابر بن عبد الله كنا لا نأكل من البدن إلا ثلاث منى ، فأرخص لنا النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال : كلوا ، وترودوا . قال : فأكلنا وترودنا .
هذا حديث صحيح ، وله طرق من حديث عطاء وغيره عن جابر ، أخبرنا حبيب بن إبراهيم بن عبد الله الصوفي ، أخبرنا أخبرنا الحسن بن أحمد الحسن القاري ، محمد بن أحمد بن محمد الكاتب ، أخبرنا عبد الله بن محمد الحافظ ، حدثنا أبو القاسم عبد الله بن محمد ، حدثنا حدثنا علي بن الجعد ، معروف بن واصل ، عن عن محارب بن دثار ، ابن بريدة ، عن أبيه ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : . نهيتكم عن لحوم الأضاحي أن لا تأكلوا بعد ثلاث ، فكلوا وانتفعوا بها في أسفاركم
أخبرني أبو مسلم محمد بن محمد بن الجنيد الصوفي ، عن أبي نصر محمد بن أحمد بن محمد بن علي الصيرفي ، أخبرنا أحمد بن الحسن القاضي ، أخبرنا محمد بن يعقوب ، أخبرنا الربيع ، أخبرنا أخبرنا الشافعي ، مالك ، عن عن [ ص: 386 ] عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم ، عبد الله بن واقد ، عن عبد الله بن عمر ، قال : : فذكرت ذلك عبد الله بن أبي بكر فقالت : صدق ، سمعت لعمرة بنت عبد الرحمن ، عائشة تقول : دف ناس من أهل البادية حضرة الأضحى زمان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : ادخروا لثلاث ، وتصدقوا بما بقي قالت : فلما كان بعد ذلك ، قيل : يا رسول الله ! لقد كان الناس ينتفعون من ضحاياهم يحملون منها الودك ، ويتخذون الأسقية ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : وما ذاك ؟ أو كما قال ، قالوا : يا رسول الله ، نهيت عن إمساك لحوم الضحايا بعد ثلاث . فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : إنما نهيتكم من أجل الدافة التي دفت حضرة الأضحى ؛ فكلوا ، وتصدقوا ، وادخروا . نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن أكل لحوم الضحايا بعد ثلاث . قال
قال : حدثنا الشافعي عن ابن عيينة ، قال : سمعت إبراهيم بن ميسرة يقول : إنا لنذبح ما شاء الله من ضحايانا ، ثم نتزود بقيتها إلى أنس بن مالك البصرة .
قال : فهذه الأحاديث تجمع معاني : الشافعي
منها أن حديث علي ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في النهي عن إمساك لحوم الأضاحي بعد ثلاث ، وحديث عبد الله بن واقد متفقان عن النبي - صلى الله عليه وسلم - .
وفيهما دلالتان :
دلالة على أن عليا سمع النهي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وأن النهي بلغ عبد الله بن واقد .
ودلالة أن الرخصة من النبي - صلى الله عليه وسلم - لم تبلغ [ ص: 387 ] عليا ، ولا عبد الله بن واقد ، ولو بلغتهما الرخصة ما حدثا بالنهي ، والنهي منسوخ ، وقول : " نهبط بلحوم الأضاحي أنس بن مالك البصرة " يحتمل أن يكون أنس سمع الرخصة ، ولم يسمع النهي قبلها ، فتزود بالرخصة ولم يسمع نهيا ، أو سمع الرخصة والنهي ، فكان النهي منسوخا ؛ فلم يذكره ، فقال كل واحد من المختلفين بما علم ، وهكذا يجب على كل من سمع شيئا من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أو ثبت له عنه أن يقول منه بما سمع ، حتى يعلم غيره . قال : فلما حدثت عائشة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بالنهي عن إمساك لحوم الضحايا بعد ثلاث ، ثم بالرخصة فيها بعد النهي ، وأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أخبر ، كان الحديث التام المحفوظ أوله وآخره ، وسبب التحريم والإحلال فيه حديث أنه إنما نهى عن إمساك لحوم الضحايا بعد ثلاث للدافة عائشة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - .
وكان على من علمه أن يصير إليه ، وحديث عائشة من أبين ما يوجد في الناسخ والمنسوخ من السنن .
وهذا يدل على أن بعض الحديث يخص فيحفظ بعضه دون بعضه ، ويحفظ منه شيء كان أولا ولا يحفظ آخرا ، ويحفظ آخرا ولا يحفظ أولا ، فيؤدى كل ما حفظ ، والرخصة بعدها في الإمساك والأكل ، والصدقة من لحوم الضحايا إنما هي لواحد من معنيين لاختلاف الحالين ، فإذا دفت الدافة ثبت النهي عن إمساك لحوم الضحايا بعد ثلاث ، وإذا لم تدف الدافة فالرخصة ثابتة بالأكل والتزود ، والادخار والصدقة ، ويحتمل أن يكون النهي عن إمساك لحوم الضحايا بعد ثلاث منسوخا في كل حال فيمسك الإنسان من ضحيته ما شاء ، ويتصدق بما يشاء .