[ ص: 61 ] قال أبو محمد : وقد تدبرت - رحمك الله - فوجدتهم يقولون على الله ما لا يعلمون ويعيبون الناس بما يأتون ، ويبصرون القذى في عيون الناس ، وعيونهم تطرف على الأجذاع ويتهمون غيرهم في النقل ولا يتهمون آراءهم في التأويل . كلام العايبين والزارين
ومعاني الكتاب والحديث وما أودعاه من لطائف الحكمة وغرائب اللغة لا يدرك بالطفرة والتولد والعرض والجوهر والكيفية والكمية والأينية ولو ردوا المشكل منهما إلى أهل العلم بهما وضح لهم المنهج واتسع لهم المخرج ، ولكن يمنع من ذلك طلب الرياسة وحب الأتباع واعتقاد الإخوان بالمقالات . [ ص: 62 ] والناس أسراب طير يتبع بعضها بعضا ، ولو ظهر لهم من يدعي النبوة مع معرفتهم بأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خاتم الأنبياء أو من يدعي الربوبية لوجد على ذلك أتباعا وأشياعا .
وقد كان يجب - مع ما يدعونه من معرفة القياس وإعداد آلات النظر - أن لا يختلفوا كما لا يختلف الحساب والمساح والمهندسون لأن آلتهم لا تدل إلا على عدد واحد وإلا على شكل واحد وكما لا يختلف حذاق الأطباء في الماء وفي نبض العروق لأن الأوائل قد وقفوهم من ذلك على أمر واحد فما بالهم أكثر الناس اختلافا ، لا يجتمع اثنان من رؤسائهم على أمر واحد في الدين .
فـ " " يخالف " أبو الهذيل العلاف النظام ، " والنجار يخالفهما يخالفهم وكذلك وهشام بن الحكم ثمامة ومويس وهاشم الأوقص وعبيد الله بن الحسن وبكر العمي [ ص: 63 ] وحفص وقبة وفلان وفلان ، ليس منهم واحد إلا وله مذهب في الدين يدان برأيه وله عليه تبع .