[ ] ( واحكم ) أيها الطالب فيما يختلف الثقات فيه من الحديث بأن يرويه [ بعضهم متصلا ] ، وبعضهم مرسلا ( لوصل ثقة ) ضابط ; سواء كان المخالف له واحدا أو جماعة ، أحفظ أم لا ( في الأظهر ) الذي صححه تعارض الوصل والإرسال الخطيب ، وعزاه النووي للمحققين من أصحاب الحديث .
قلت : ومنهم البزار ; فإنه قال في حديث عن عطاء بن يسار رفعه : أبي سعيد الخدري - : رواه غير واحد ، منهم لا تحل الصدقة لغني إلا لخمسة مالك ، كلاهما عن وابن عيينة عن زيد بن أسلم عطاء مرسلا ، وأسنده عبد الرزاق عن معمر ، كلاهما عن والثوري زيد ، وإذا حدث بالحديث ثقة فأسنده ، كان عندي هو الصواب .
قال الخطيب : ولعل المرسل أيضا مسند عند الذين رووه مرسلا أو عند بعضهم ، إلا أنهم أرسلوه لغرض أو نسيان ، والناسي لا يقضى له على الذاكر ( وقيل : بل ) [ ص: 215 ] احكم لـ ( إرساله ) أي الثقة ، وهذا عزاه الخطيب ( للأكثر ) من أصحاب الحديث ، فسلوك غير الجادة دال على مزيد التحفظ ، كما أشار إليه . النسائي
وقيل : إن ، فترجيحه وتقديمه من قبيل تقديم الجرح على التعديل ، كما سيأتي آخر زيادات الثقات مع ما فيه ( ونسب ) الإرسال نوع قدح في الحديث القول ( الأول ) من هذين ( للنظار ) بضم النون وتشديد الظاء المشالة وآخره راء مهملة ، [ جمع كثرة لناظر ] ، وهم هنا أهل الفقه والأصول ( أن صححوه ) بفتح الهمزة وتخفيف النون من " أن " المصدرية ، منصوب على البدل ، أي : تصحيحه ، إذا كان الراوي عدلا . ابن الصلاح
وكذا عزاه لاختيار أكثر الأصوليين ، واختاره هو أيضا ، وارتضاه أبو الحسن بن القطان ابن سيد الناس من جهة النظر ، لكن إذا استويا في رتبة الثقة والعدالة أو تقاربا .
( وقضى ) إمام الصنعة ( لوصل ) حديث : البخاري ) الذي اختلف فيه على راويه لا نكاح إلا بولي ; فرواه أبي إسحاق السبيعي شعبة عنه عن والثوري أبي بردة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مرسلا ، ووصله عنه حفيده إسرائيل بن يونس وشريك وأبو عوانة بذكر أبي موسى ( مع كون من أرسله كالجبل ) ; لأن لهما في الحفظ والإتقان الدرجة العالية ، وقال [ ص: 216 ] : البخاري مقبولة . انتهى . الزيادة من الثقة
ويشكل عليه ، وكذا على التعليل به أيضا في تقديم الرفع ، بل وعلى إطلاق كثير من الشافعية القول بقبول زيادة الثقة - نص إمامهم في كما تقدم ، على أن يكون إذا شارك أحدا من الحفاظ لا يخالف ، إلا أن تكون المخالفة بأنقص ، فإنها لا تضر ; لاقتضائه أن المخالفة بالزيادة تضر . شروط المرسل
وحينئذ فهو دال على أن زيادة العدل عنه لا يلزم قبولها مطلقا ، وقياس هذا هنا أن يكون الحكم لمن أرسل أو وقف .
ويمكن أن يقال : كلام في راو نريد اختبار حاله حيث لم نعلمه قبل ، بخلاف زيادة الثقة فليتأمل ، ولكن الحق أن القول بذلك ليس على إطلاقه ; كما سيأتي في بابه مع الجواب عن استشكال عزو الشافعي الخطيب الحكم بالإرسال للأكثرين من أهل الحديث ، ونقله ترجيح الزيادة من الثقة عن الأكثرين من المحدثين والفقهاء .
( وقيل ) وهو القول الثالث المعتبر ما قاله ( الأكثر ) من وصل أو إرسال ، كما نقله الحاكم في المدخل عن أئمة الحديث ; لأن تطرق السهو والخطأ إلى الأكثر أبعد ، ( وقيل ) وهو الرابع المعتبر ما قاله ( الأحفظ ) من وصل أو إرسال .
وفي المسألة قول خامس وهو التساوي ، قاله السبكي ، والظاهر أن محل الأقوال فيما لم يظهر فيه ترجيح ، كما أشار إليه شيخنا ، وأومأ إليه ما قدمته عن ابن سيد الناس ، وإلا فالحق حسب الاستقراء من صنيع متقدمي الفن - كابن [ ص: 217 ] مهدي ، والقطان ، وأحمد ، - عدم اطراد حكم كلي . والبخاري
بل ذلك دائر مع الترجيح ، فتارة يترجح الوصل ، وتارة الإرسال ، وتارة يترجح عدد الذوات على الصفات ، وتارة العكس ، ومن راجع أحكامهم الجزئية تبين له ذلك ، والحديث المذكور لم يحكم له بالوصل ; لمجرد أن الواصل معه زيادة ، بل لما انضم لذلك من قرائن رجحته . البخاري
ككون وابنيه يونس بن أبي إسحاق إسرائيل وعيسى رووه عن أبي إسحاق موصولا ، ولا شك أن آل الرجل أخص به من غيرهم ، لا سيما وإسرائيل قال فيه : إنه كان يحفظ حديث جده كما يحفظ سورة الحمد . ابن مهدي
ولذلك قال : يشبه أن يكون القول قوله . ووافقهم على الوصل عشرة من أصحاب الدارقطني أبي إسحاق [ ممن سمعه ] من لفظه ، واختلفت مجالسهم في الأخذ عنه ، كما جزم به الترمذي .
وأما شعبة فكان أخذهما له عنه عرضا في مجلس واحد ; لما رواه والثوري الترمذي من طريق ، ثنا الطيالسي شعبة قال : سمعت سأل الثوري أبا إسحاق ، أسمعت أبا بردة يقول : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ؟ فقال لا نكاح إلا بولي أبو إسحاق : نعم . ولا يخفى رجحان الأول ، هذا إذا قلنا : حفظ الثوري وشعبة في مقابل عدد الآخرين ، مع أن يقول : العدد الكثير أولى بالحفظ من الواحد . الشافعي
[ ص: 218 ] ويتأيد كل ذلك بتقديم نفسه للإرسال في أحاديث أخر لقرائن قامت عنده ، ومنها أنه ذكر البخاري حديثا وصله ، وقال : إرساله أثبت . لأبي داود الطيالسي
هذا حاصل ما أفاده شيخنا مع زيادة ، وسبقه لكون ذلك مقتضى كلام الأئمة : العلائي ، ومن قبله ابن دقيق العيد وغيرهما ، وسيأتي في المعلل أنه كثر الإعلال بالإرسال والوقف للوصل والرفع إن قويا عليهما ، وهو شاهد لما قررناه .
( ثم ) إذا مشينا على القول الرابع في الاعتبار بالأحفظ ( فما إرسال عدل يحفظ يقدح ) أي : قادحا ( في أهلية الواصل ) من ضبط - حيث لم تكثر المخالفة - ، وعدالة ، ( أو ) في ( مسنده ) أي : في جميع حديثه الذي رواه بسنده لا في المختلف فيه للقدح فيه بلا شك ، و " أو " هنا للجمع المطلق كالواو ; كما دلت عليه عبارة الآتية . ابن الصلاح
وحينئذ فهو تأكيد ، وإلا فقد يقال : إن ; لاستلزامها ذلك غالبا . التصريح بعدم القدح في الضبط والعدالة يغني عن التصريح بعدم القدح في مرويه
و " ما " هي النافية الحجازية ، و " إرسال عدل يحفظ " اسمها ، وخبرها جملة " يقدح " . فإن قيل : كيف اجتمع الرد لمسنده هذا ، مع عدم القدح في عدالته ؟ فالجواب أن الرد للاحتياط ، وعدم القدح فيه لإمكان إصابته ، ووهم الأحفظ وعلى تقدير تحقق خطئه مرة لا يكون مجرحا به ; كما سيأتي قريبا التصريح به عن . الدارقطني
وهذا الحكم ( على الأصح ) من القولين ، فهو الذي قدمه ; حيث قال : ثم لا يقدح [ ص: 219 ] ذلك في عدالة من وصله وأهليته ، قال : ومنهم من قال : من أسند حديثا قد أرسله الحفاظ ، فإرسالهم له يقدح في مسنده وعدالته وأهليته . ابن الصلاح
وعبارة الخطيب في الأول : لأن إرسال الراوي للحديث ليس بجرح لمن وصله ولا تكذيب له ، وفي الثاني على لسان القائلين به : لأن إرسالهم له يقدح في مسنده ، فيقدح في عدالته .