[ ص: 58 ] قال مقيده عفا الله عنه : لا ينبغي أن يختلف في نجاستها لقوله تعالى : ( ميتة الضفادع البرية حرمت عليكم الميتة ) [ 5 \ 3 ] وهي ليست من حيوان البحر ; لأنها برية ، كما صرح عبد الحق بأن ميتتها نجسة في مذهب مالك . نقله عنه الحطاب والمواق وغيرهما في شرح قول خليل : والبحري ولو طالت حياته ببر ، وقال ابن حجر متصلا بالكلام السابق : وأما قول الحسن في السلحفاة فوصله من طريق ابن أبي شيبة ، عن أبيه أنه كان لا يرى ابن طاوس بأسا ، ومن طريق بأكل السلحفاة ، عن مبارك بن فضالة الحسن قال : لا بأس بأكلها ، والسلحفاة بضم المهملة وفتح اللام وسكون المهملة بعدها فاء ثم ألف ثم هاء ، ويجوز بدل الهاء همزة حكاه ، وهي رواية ابن سيده عبدوس .
وحكي أيضا في المحكم : بسكون اللام وفتح الحاء .
وحكي أيضا : سلحفية كالأول لكن بكسر الفاء بعدها تحتانية مفتوحة .
قوله : وقال : كل من ابن عباس نصراني أو يهودي أو مجوسي . صيد البحر
قال الكرماني : كذا في النسخ القديمة وفي بعضها " ما صاده " قبل لفظ " نصراني " . قلت : وهذا التعليق وصله البيهقي من طريق ، عن سماك بن حرب عكرمة ، عن . قال : ابن عباس أو مجوسي . كل ما ألقى البحر وما صيد منه ؛ صاده يهودي أو نصراني
قال ابن التين : مفهومه أن صيد البحر لا يؤكل إن صاده غير هؤلاء وهو كذلك عند قوم .
وأخرج بسند صحيح عن ابن أبي شيبة عطاء ، ، وبسند آخر عن وسعيد بن جبير علي كراهية . انتهى من " فتح الباري " بلفظه . صيد المجوسي السمك
وقول : في المري ذبح الخمر النينان والشمس في لفظه أن ذبح فعل ماض ، والخمر مفعول به ، والنينان فاعل ذبح ، والشمس بالرفع معطوف على الفاعل الذي هو النينان ، وهي جمع نون وهو : الحوت والمري بضم الميم وسكون الراء بعدها تحتانية على الصحيح ، خلافا لصاحب " الصحاح " و " النهاية " فقد ضبطاه بضم الميم وكسر الراء المشددة نسبة إلى المر وهو الطعم المشهور ، والمري المذكور طعام كان يعمل أبي الدرداء بالشام ، يؤخذ الخمر فيجعل فيه الملح والسمك ، ويوضع في [ ص: 59 ] الشمس فيتغير عن طعم الخمر ويصير خلا ، وتغيير الحوت والملح والشمس له عن طعم الخمر إزالة الإسكار عنه ، هو مراد بذبح الحيتان والشمس له ، فاستعار الذبح لإذهاب الشدة المطربة التي بها الإسكار ، وأثر أبي الدرداء هذا وصله أبي الدرداء في غريب الحديث له ، من طريق إبراهيم الحربي أبي الزاهرية ، عن ، عن جبير بن نفير ، فذكره سواء . أبي الدرداء
وكان - رضي الله عنه - يرى إباحة أبو الدرداء ، وكثير من العلماء يرون منع تخليلها ، فإن تخللت بنفسها من غير تسبب لها في ذلك فهي حلال إجماعا ، قال تخليل الخمر ابن حجر في الفتح : وكان وجماعة يأكلون هذا المري المعمول بالخمر . وأدخله أبو الدرداء في طهارة صيد البحر ، يريد أن السمك طاهر حلال ، وأن طهارته وحله يتعدى إلى غيره كالملح حتى يصير الحرام النجس بإضافتها إليه طاهرا حلالا ، وهذا رأي من يجوز تخليل الخمر وهو قول البخاري وجماعة . أبي الدرداء
قال مقيده عفا الله عنه : والظاهر منع مطلقا ; لثبوت النهي عن قتلها عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فقد قال أكل الضفادع أبو داود في سننه : حدثنا ، أخبرنا محمد بن كثير سفيان ، عن ، عن ابن أبي ذئب سعيد بن خالد ، عن ، عن سعيد بن المسيب عبد الرحمن بن عثمان : . أن طبيبا سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن ضفدع يجعلها في دواء فنهاه النبي - صلى الله عليه وسلم - عن قتلها
وقال في " سننه " : أخبرنا النسائي قتيبة قال : حدثنا ، عن ابن أبي فديك ، عن ابن أبي ذئب سعيد بن خالد ، عن ، عن سعيد بن المسيب عبد الرحمن بن عثمان ، . أن طبيبا ذكر ضفدعا في دواء عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فنهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن قتله
وقال النووي في " شرح المهذب " : وأما حديث النهي عن فرواه قتل الضفدع أبو داود بإسناد حسن ، بإسناد صحيح من رواية والنسائي عبد الرحمن بن عثمان بن عبيد الله التيمي الصحابي وهو ابن أخي ، قال : طلحة بن عبيد الله ، وسيأتي لتحريم أكل الضفدع زيادة بيان إن شاء الله في سورة " الأنعام " في الكلام على قوله : ( سأل طبيب النبي - صلى الله عليه وسلم - عن ضفدع يجعلها في دواء فنهاه عن قتلها قل لا أجد في ما أوحي إلي ) الآية [ 6 \ 145 ] .
وما ذكرنا من تحريم الضفدع مطلقا قال به وجماعة ، وهو الصحيح من مذهب الإمام أحمد ، ونقل الشافعي العبدري ، عن ، أبي بكر الصديق وعمر ، وعثمان ، [ ص: 60 ] رضي الله عنهم : أن جميع ميتات البحر كلها حلال إلا الضفدع ، قاله وابن عباس النووي .
ونقل عن أحمد - رحمه الله - ما يدل على أن لا يؤكل ، وقال التمساح : لا بأس به لمن اشتهاه . الأوزاعي
وقال ابن حامد : لا يؤكل التمساح ولا الكوسج ; لأنهما يأكلان الناس . وقد روي عن وغيره : أنه قال : كانوا يكرهون سباع البحر كما يكرهون سباع البر ، وذلك إبراهيم النخعي لنهي النبي - صلى الله عليه وسلم - عن كل ذي ناب من السباع .
وقال أبو علي النجاد : ما حرم نظيره في البر فهو حرام في البحر ككلب الماء وخنزيره وإنسانه ، وهو قول الليث إلا في الكلب ; فإنه يرى إباحة كلب البر والبحر قاله في " المغني " ومنع بعض العلماء أكل السلحفاة البحرية ، والعلم عند الله تعالى . ابن قدامة