قوله تعالى : وجعلناها رجوما للشياطين .
هي الشهب من النار ، والشهب النار ، كما في قوله : أو آتيكم بشهاب قبس لعلكم تصطلون [ 27 \ 7 ] ، والرجوم والشهب هي التي ترمى بها الشياطين عند استراق السمع ، كما في قوله تعالى : فمن يستمع الآن يجد له شهابا رصدا [ 72 \ 9 ] .
وقوله : إلا من خطف الخطفة فأتبعه شهاب ثاقب [ 37 \ 10 ] .
وهنا سؤال ، وهو إذا كان الجن من نار ، كما في قوله : وخلق الجان من مارج من نار [ 55 \ 15 ] ، فكيف تحرقه النار ؟
فأجاب عنه بقوله : إن النار يكون بعضها أقوى من بعض ، فالأقوى يؤثر على الأضعف ، ومما يشهد لما ذهب إليه قوله تعالى بعده الفخر الرازي وأعتدنا لهم عذاب السعير [ 67 \ 5 ] والسعير : أشد النار .
ومعلوم أن ، وهذا أمر ملموس ، فقد تكون الآلة مصنوعة من حديد وتسلط عليها آلة من حديد أيضا ، أقوى منها فتكسرها . النار طبقات بعضها أشد من بعض
[ ص: 232 ] كما قيل : لا يفل الحديد إلا الحديد ، فلا يمنع كون أصله من نار ألا يتعذب بالنار ، كما أن أصل الإنسان من طين من حمأ مسنون ، ومن صلصال كالفخار ، وبعد خلقه فإنه لا يحتمل التعذيب بالصلصال ولا بالفخار ، فقد يقضى عليه بضربة من قطعة من فخار . والعلم عند الله تعالى .