قوله : ( ومن آياته ) أي من علاماته الدالة على قدرته واستحقاقه للعبادة وحده - الجواري وهي السفن ، واحدتها جارية ، ومنه قوله - تعالى - : إنا لما طغى الماء حملناكم في الجارية [ 69 \ 11 ] يعني سفينة نوح ، وسميت جارية لأنها تجري في البحر .
وقوله : ( كالأعلام ) ، أي كالجبال ، شبه السفن بالجبال لعظمها .
وعن مجاهد أن الأعلام القصور ، وعن الخليل أن كل مرتفع تسميه العرب علما ، وجمع العلم أعلام .
وهذا الذي ذكره الخليل معروف في اللغة ، ومنه قول الخنساء ترثي أخاها صخرا :
وإن صخرا لتأتم الهداة به كأنه علم في رأسه نار
وما تضمنته هذه الآية الكريمة من أن جريان السفن في البحر من آياته - تعالى - الدالة على كمال قدرته - جاء موضحا في غير هذا الموضع ، كقوله - تعالى - : وآية لهم أنا حملنا ذريتهم في الفلك المشحون وخلقنا لهم من مثله ما يركبون وإن نشأ نغرقهم فلا صريخ لهم ولا هم ينقذون إلا رحمة منا ومتاعا إلى حين [ 36 \ 41 - 44 ] . وقوله - تعالى - : فأنجيناه وأصحاب السفينة وجعلناها آية للعالمين [ 29 \ 15 ] . وقوله - تعالى - : إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار والفلك التي تجري في البحر بما ينفع الناس إلى قوله : لآيات لقوم يعقلون [ 2 \ 164 ] . وقوله - تعالى - في سورة " النحل " : وترى الفلك مواخر فيه ولتبتغوا من فضله الآية [ 19 \ 14 ] . وقوله في " فاطر " : [ ص: 74 ] وترى الفلك فيه مواخر لتبتغوا من فضله الآية [ 35 \ 12 ] . والآيات بمثل ذلك كثيرة معلومة .
وقرأ هذا الحرف نافع وأبو عمرو ( الجواري ) بياء ساكنة بعد الراء في الوصل فقط دون الوقف ، وقرأه ابن كثير بالياء المذكور في الوصل والوقف معا ، وقرأه الباقون ( الجوار ) بحذف الياء في الوصل والوقف معا .