سورة الممتحنة
بسم الله الرحمن الرحيم
قوله عز وجل : ( يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء . . . ) الآية : [ 1 ] .
[ ص: 218 ] 811 - قال جماعة من المفسرين : ؛ وذلك أن : حاطب بن أبي بلتعة سارة مولاة أبي عمرو بن صيفي بن هاشم بن عبد مناف أتت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من مكة إلى المدينة ، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتجهز لفتح مكة ، فقال لها : " أمسلمة جئت ؟ " قالت : لا قال : " فما جاء بك ؟ " قالت : أنتم [ كنتم ] الأهل والعشيرة والموالي ، وقد احتجت حاجة شديدة فقدمت عليكم لتعطوني وتكسوني . قال لها : " فأين أنت من شباب أهل مكة " - وكانت مغنية - قالت : ما طلب مني شيء ؟ بعد وقعة بدر ، فحث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بني عبد المطلب على إعطائها فكسوها وحملوها وأعطوها ، فأتاها وكتب معها إلى حاطب بن أبي بلتعة أهل مكة وأعطاها عشرة دنانير على أن توصل [ الكتاب ] إلى أهل مكة ، وكتب في الكتاب : من حاطب إلى أهل مكة : إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يريدكم فخذوا حذركم ، فخرجت سارة ونزل جبريل عليه السلام ، فأخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - بما فعل حاطب ، فبعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عليا ، وعمارا ، والزبير ، وطلحة ، ، والمقداد بن الأسود وأبا مرثد - وكانوا كلهم فرسانا - وقال لهم : " انطلقوا حتى تأتوا روضة خاخ ، فإن فيها ظعينة معها كتاب من حاطب إلى المشركين ، فخذوه منها وخلوا سبيلها ، فإن لم تدفعه إليكم فاضربوا عنقها " ، فخرجوا حتى أدركوها في ذلك المكان ، فقالوا لها : أين الكتاب ؟ فحلفت بالله ما معها [ من ] كتاب ، ففتشوا متاعها فلم يجدوا معها كتابا ، فهموا بالرجوع ، فقال علي : والله ما كذبنا ، ولا كذبنا ، وسل سيفه ، وقال : أخرجي الكتاب وإلا والله لأجردنك ولأضربن عنقك ، فلما رأت الجد أخرجته من ذؤابتها وكانت قد خبأته في شعرها ، فخلوا سبيلها ورجعوا بالكتاب إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فأرسل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى حاطب فأتاه ، فقال له : " هل تعرف الكتاب ؟ " قال : نعم قال : " فما حملك على ما صنعت ؟ " فقال : يا رسول الله ، والله ما كفرت منذ أسلمت ، ولا غششتك منذ نصحتك ، ولا أحببتهم منذ فارقتهم ، ولكن لم يكن أحد من المهاجرين إلا وله بمكة من يمنع عشيرته ، وكنت غريبا فيهم وكان أهلي بين ظهرانيهم ، فخشيت على أهلي فأردت أن أتخذ عندهم يدا وقد علمت أن الله ينزل بهم بأسه [ وأن ] كتابي لا يغني عنهم شيئا . فصدقه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعذره . فنزلت هذه السورة : ( ياأيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء ) فقام فقال : دعني يا رسول الله أضرب عنق هذا المنافق ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " وما يدريك يا عمر بن الخطاب عمر لعل الله قد اطلع على أهل بدر فقال لهم : اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم " . نزلت في
812 - أخبرنا أبو بكر أحمد بن عمرو ، وأخبرنا محمد بن يعقوب ، أخبرنا الربيع ، حدثنا ، أخبرنا الشافعي ، عن سفيان بن عيينة ، عن عمرو بن دينار الحسن بن محمد [ بن علي ] ، عن عبيد الله بن أبي رافع ، قال : عليا يقول : بعثنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنا والزبير ، [ ] قال : " انطلقوا حتى تأتوا والمقداد بن الأسود روضة خاخ فإن فيها ظعينة معها كتاب . [ فخرجنا تعادي بنا خيلنا ، فإذا نحن بظعينة ، فقلنا أخرجي الكتاب . فقالت : ما معي [ ص: 219 ] كتاب ] . فقلنا لها : لتخرجن الكتاب أو لنلقين الثياب ، فأخرجته من عقاصها ، فأتينا به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فإذا فيه : من إلى ناس من المشركين ممن [ كان ] حاطب بن أبي بلتعة بمكة ، يخبر ببعض أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال : " ما هذا يا حاطب ؟ " فقال : لا تعجل علي ، إني كنت امرأ ملصقا في قريش ولم أكن من نفسها ، وكان من معك من المهاجرين لهم قرابات يحمون بها قراباتهم ، ولم يكن لي بمكة قرابة ، فأحببت إذ فاتني ذلك أن أتخذ عندهم يدا ، والله ما فعلته شاكا في ديني ولا رضا بالكفر بعد الإسلام . فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " إنه قد صدق " . فقال عمر : دعني يا رسول الله أضرب عنق هذا المنافق . فقال : " إنه قد شهد بدرا ، وما يدريك لعل الله اطلع على أهل بدر فقال : اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم " ، ونزلت : ( يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء ) الآية . رواه سمعت عن البخاري الحميدي ، ورواه مسلم عن وجماعة ، كلهم عن أبي بكر بن أبي شيبة سفيان .