وقالوا لن نؤمن لك حتى تفجر لنا من الأرض ينبوعا ) الآية [ 90 ] . قوله تعالى : (
591 - روى عكرمة ، عن : ابن عباس أن عتبة ، وشيبة ، وأبا سفيان ، والنضر بن الحارث ، وأبا البختري ، والوليد بن المغيرة ، وأبا جهل ، وعبد الله بن أبي أمية ، وأمية بن خلف ، ورؤساء قريش - اجتمعوا عند ظهر الكعبة ، فقال بعضهم لبعض : ابعثوا إلى محمد ، وكلموه ، وخاصموه حتى تعذروا فيه . فبعثوا إليه إن أشراف قومك قد اجتمعوا لك ليكلموك ، فجاءهم سريعا ، وهو يظن أنه بدا [ لهم ] في أمره بداء ، وكان عليهم حريصا يحب رشدهم ، ويعز عليه تعنتهم - حتى جلس إليهم ، فقالوا : يا محمد ، إنا والله لا نعلم رجلا من العرب أدخل على قومه ما أدخلت على قومك ، لقد شتمت الآباء ، وعبت الدين ، وسفهت الأحلام ، وشتمت الآلهة ، وفرقت الجماعة ، وما بقي أمر قبيح إلا وقد جئته فيما بيننا وبينك ، فإن كنت إنما جئت [ بهذا ] لتطلب به مالا جمعنا لك من أموالنا ما تكون به أكثرنا مالا ، وإن كنت إنما تطلب الشرف فينا سودناك علينا - وإن كنت تريد ملكا ملكناك علينا ، وإن كان هذا الرئي الذي يأتيك تراه قد غلب عليك - وكانوا يسمون التابع من الجن الرئي - بذلنا أموالنا في طلب الطب لك حتى نبرئك منه أو نعذر فيك . فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " ما بي ما تقولون ، ما جئتكم بما جئتكم به لطلب أموالكم ولا للشرف فيكم ، ولا الملك عليكم ، ولكن الله عز وجل بعثني إليكم رسولا ، وأنزل علي كتابا ، وأمرني أن أكون لكم بشيرا ونذيرا ، فبلغتكم رسالة ربي ، ونصحت لكم ، فإن تقبلوا مني ما جئتكم به فهو حظكم في الدنيا والآخرة ، وإن تردوه علي أصبر لأمر الله حتى يحكم بيني وبينكم " . قالوا [ له ] : يا محمد ، إن كنت غير قابل منا ما عرضنا [ عليك ] علمت أنه ليس أحد أضيق بلادا ، ولا أقل مالا ، ولا أشد عيشا منا ، سل لنا ربك - الذي بعثك بما بعثك - فليسير عنا هذه الجبال التي ضيقت علينا ، ويبسط لنا بلادنا ، ويجر فيها أنهارا كأنهار الشام والعراق ، وأن يبعث لنا من مضى من آبائنا ، وليكن ممن يبعث لنا منهم قصي بن كلاب ، فإنه [ ص: 154 ] كان شيخا صدوقا ، فنسألهم عما تقول ، أحق هو [ أم باطل ] ؟ فإن صنعت ما سألناك صدقناك ، وعرفنا به منزلتك عند الله ، وأنه بعثك رسولا كما تقول . فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " ما بهذا بعثت ، إنما جئتكم من عند الله سبحانه بما بعثني به ، فقد بلغتكم ما أرسلت به [ إليكم ] ، فإن تقبلوا فهو حظكم في الدنيا والآخرة ، وإن تردوه أصبر لأمر الله " ، قالوا : فإن لم تفعل هذا فسل ربك أن يبعث لنا ملكا يصدقك ، وسله فليجعل لك جنانا وكنوزا وقصورا من ذهب وفضة ويغنيك بها عما نراك [ تبتغي ] ، فإنك تقوم في الأسواق [ كما نقوم ، ] وتلتمس المعاش [ كما نلتمسه ، حتى نعرف فضلك ومنزلتك من ربك إن كنت رسولا كما تزعم ] . فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " [ ما أنا بفاعل ] ، وما أنا بالذي يسأل ربه هذا ، وما بعثت بهذا إليكم ، ولكن الله تعالى بعثني بشيرا ونذيرا " . قالوا : فأسقط علينا كسفا من السماء كما زعمت أن ربك إن شاء فعل . فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " ذلك إلى الله إن شاء فعل " . فقال قائل منهم : لن نؤمن لك حتى تأتي بالله والملائكة قبيلا . وقال عبد الله بن أمية المخزومي - وهو ابن عاتكة بنت عبد المطلب ابن عمة النبي - صلى الله عليه وسلم - : لا أؤمن بك أبدا حتى تتخذ إلى السماء سلما وترقى فيه ، وأنا أنظر حتى تأتيها ، وتأتي بنسخة منشورة معك ، ونفر من الملائكة يشهدون لك أنك كما تقول . فانصرف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى أهله حزينا لما فاته من متابعة قومه ، ولما رأى من مباعدتهم منه . فأنزل الله تعالى : ( وقالوا لن نؤمن لك حتى تفجر لنا من الأرض ينبوعا ) الآيات .
592 - أخبرنا سعيد بن أحمد بن جعفر قال : أخبرنا أبو علي بن أبي بكر الفقيه قال : أخبرنا أحمد بن الحسين بن الجنيد قال : حدثنا قال : حدثنا زياد بن أيوب هشيم ، عن عن عبد الملك بن عمير - - قال : قلت له : قوله : ( سعيد بن جبير لن نؤمن لك حتى تفجر لنا من الأرض ينبوعا ) أنزلت في عبد الله بن أبي أمية ؟ قال : زعموا ذلك .