لما دخل هذا القول في جملة المحاورة جردت الجملة من الفاء أيضا كما تقدم في نظائره لأنه وإن كان إقبالا بالخطاب على غير المخاطبين بالأقوال التي قبله فهو بمثابة خطاب لهم لأن المقصود من خطاب آدم بذلك أن يظهر عقبه فضله عليهم في العلم من هاته الناحية فكان [ ص: 417 ] الخطاب بمنزلة أن يكون مسوقا إليهم لقوله عقب ذلك قال ألم أقل لكم إني أعلم غيب السماوات والأرض وابتداء خطاب آدم بندائه - مع أنه غير بعيد عن سماع الأمر الإلهي - آدم وإظهار اسمه في الملأ الأعلى حتى ينال حسن السمعة مع ما فيه من التكريم عند الآمر ؛ لأن شأن الآمر والمخاطب - بالكسر - إذا تلطف مع المخاطب - بالفتح - أن يذكر اسمه ولا يقتصر على ضمير الخطاب حتى لا يساوي بخطابه كل خطاب ، ومنه ما جاء في حديث الشفاعة بعد ذكر سجود النبيء وحمده الله بمحامد يلهمه إياها فيقول للتنويه بشأن محمد " ارفع رأسك سل تعط واشفع تشفع " وهذه نكتة ذكر الاسم حتى في أثناء المخاطبة كما قال يا امرؤ القيس :
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل
وربما جعلوا النداء طريقا إلى إحضار اسمه الظاهر لأنه لا طريق لإحضاره عند المخاطبة إلا بواسطة النداء ، فالنداء على كل تقدير مستعمل في معناه المجازي .