ختمت السورة بوصاية جامعة للمؤمنين تجدد عزيمتهم وتبعث الهمم إلى دوام الاستعداد للعدو كي لا يثبطهم ما حصل من الهزيمة ، فأمرهم ، ثم بالمصابرة وهي الصبر في وجه الصابر ، وهذا أشد الصبر ثباتا في النفس وأقربه إلى التزلزل ، وذلك أن الصبر في وجه صابر آخر شديد على نفس الصابر لما يلاقيه من مقاومة قرن له في الصبر قد يساويه أو يفوقه ، ثم إن هذا المصابر إن لم يثبت على صبره حتى يمل قرنه فإنه لا يجتني من صبره شيئا ، لأن نتيجة الصبر تكون لأطول الصابرين صبرا ، كما قال بالصبر الذي هو جماع الفضائل وخصال الكمال زفر بن الحارث في اعتذاره عن الانهزام :
سقيناهم كأسا سقونا بمثلها ولكنهم كانوا على الموت أصبرا
فالمصابرة هي سبب نجاح الحرب كما قال شاعر العرب الذي لم يعرف اسمه :لا أنت معتاد في الهيجا مصابرة يصلى بها كل من عاداك نيرانا
ولقد حميت الحي تحمل شكتي فرط وشاحي إذ غدوت لجامها
فعلوت مرتقبا على ذي هبوة حرج إلى إعلامهن قتامها
حتى إذا ألقت يدا في كافر وأجن عورات الثغور ظلامها
وأعقب هذا الأمر . بالأمر بالتقوى لأنها جماع الخيرات وبها يرجى الفلاح