وإنه لعلم للساعة فلا تمترن بها الأظهر أن هذا عطف على جملة وإنه لذكر لك ولقومك ويكون ما بينهما مستطردات واعتراضا اقتضته المناسبة .
لما أشبع مقام إبطال إلهية غير الله بدلائل الوحدانية ثني العنان إلى إثبات أن ، عودا على بدء . القرآن حق
وهذا كلام موجه من جانب الله تعالى إلى المنكرين يوم البعث ، ويجوز أن يكون من كلام النبيء - صلى الله عليه وسلم - .
وضمير المذكر الغائب في قوله وإنه لعلم للساعة مراد به القرآن وبذلك [ ص: 243 ] فسره الحسن وقتادة فيكون هذا ثناء ثامنا على القرآن ، فالثناء على القرآن استمر متصلا من أول السورة آخذا بعضه بحجز بعض متخللا بالمعترضات والمستطردات ومتخلصا إلى هذا الثناء الأخير بأن القرآن أعلم الناس بوقوع الساعة . وسعيد بن جبير
ويفسره ما تقدم من قوله بالذي أوحي إليك ويبينه قوله بعده هذا صراط مستقيم ، على أن ورود مثل هذا الضمير في القرآن مرادا به القرآن كثير معلوم من غير معاد فضلا على وجود معاده .
ومعنى تحقيق أن القرآن علم للساعة أنه جاء بالدين الخاتم للشرائع فلم يبق بعد مجيء القرآن إلا انتظار انتهاء العالم . وهذا معنى ما روي من قول الرسول - صلى الله عليه وسلم - : ، والمشابهة في عدم الفصل بينهما . بعثت أنا والساعة كهاتين ، وقرن بين السبابة والوسطى مشيرا إليهما
وإسناد " علم للساعة " إلى ضمير القرآن إسناد مجازي لأن إذ فيه الدلائل المتنوعة على إمكان البعث ووقوعه . القرآن سبب العلم بوقوع الساعة
ويجوز أن يكون إطلاق العلم بمعنى المعلم ، من استعمال المصدر بمعنى اسم الفاعل مبالغة في كونه محصلا للعلم بالساعة إذ لم يقاربه في ذلك كتاب من كتب الأنبياء .
وقد ناسب هذا المجاز أو المبالغة التفريع في قوله فلا تمترن بها لأن القرآن لم يبق لأحد مرية في أن البعث واقع .
وعن ابن عباس ومجاهد وقتادة أن الضمير لعيسى ، وتأولوه بأن عيسى علامة الساعة ، أي سبب علم بالساعة ، أي بقربها ، وهو تأويل بعيد ؛ فإن تقدير مضاف وهو نزول لا دليل عليه ويناكده إظهار اسم نزول عيسى في قوله ولما جاء عيسى إلخ .
ويجوز عندي أن يكون ضمير ( إنه ) ضمير شأن ، أي أن الأمر المهم لعلم الناس بوقوع الساعة .
[ ص: 244 ] وعدي فعل فلا تمترن بها بالباء لتضمينه معنى : لا تكذبن بها ، أو الباء بمعنى ( في ) الظرفية .