والإضافة لتعظيم شأن المضاف لانتسابه إلى المضاف إليه ؛ فكأنه قيل : هذا عطاء عظيم أعطيناكه . والعطاء : مصدر بمعنى المعطى ؛ مثل الخلق بمعنى المخلوق .
وامنن : أمر مستعمل في الإذن والإباحة ، وهو مشتق من المن المكنى به عن الأنعام ، أي : فأنعم على من شئت بالإطلاق ، أو أمسك في الخدمة من شئت .
فالمن : كناية عن الإطلاق بلازم اللازم ، كقوله تعالى فإما منا بعد وإما فداء .
وجملتا فامنن أو أمسك : معترضتان بين قوله عطاؤنا وقوله بغير حساب ، وهو تفريع مقدم من تأخير .
والتقديم لتعجيل المسرة بالنعمة ، ونظيره قوله تعالى من بعد هذا فليذوقوه حميم وغساق وقول عنترة :
ولقد نزلت فلا تظني غيره مني بمنزلة المحب المكرم
وقول بشار :كقائلة إن الحمـار فـنـحـه عن القت أهل السمسم المتهذب
[ ص: 268 ] ويجوز أن يكون بغير حساب حالا من ضمير امنن أو أمسك ، ويكون الحساب بمعنى المحاسبة المكنى بها عن المؤاخذة . والمعنى : امنن أو أمسك لا مؤاخذة عليك فيمن مننت عليه بالإطلاق إن كان مفسدا ، ولا فيمن أمسكته في الخدمة إن كان صالحا .