[ ص: 47 ] الذي نجانا من القوم الظالمين فإذا استويت أنت ومن معك على الفلك فقل الحمد لله وقل رب أنزلني منزلا مباركا وأنت خير المنزلين الاستواء : الاعتلاء . وتقدم عند قوله تعالى : ثم استوى على العرش في سورة الأعراف .
وإطلاق الاستواء على الاستقرار في داخل السفينة مجاز مرسل بعلاقة الإطلاق وإلا فحقيقة الاستقرار في الفلك أنه دخول . وأتي بحرف الاستعلاء دون حرف الظرفية ; لأنه الذي يتعدى به معنى الاعتلاء إيذانا بالتمكن من الفلك فهو ترشيح للمجاز .
والتنجية من القوم الظالمين : الإنجاء من أذاهم والكون فيهم ; لأن في الكون بينهم مشاهدة كفرهم ومناكرهم وذلك مما يؤذي المؤمن .
والظلم يجوز أن يراد به الشرك كما قال تعالى : إن الشرك لظلم عظيم ، ويجوز أن يراد به الاعتداء على الحق ; لأن الكافرين كانوا يؤذون نوحا والمؤمنين بشتى الأذى باطلا وعدوانا ، وإنما كان ذلك إنجاء ; لأنهم قد استقلوا بجماعتهم فسلموا من الاختلاط بأعدائهم .
وقد ألهمه الله بالوحي أن يحمد ربه على ما سهل له من سبيل النجاة وأن يسأله نزولا في منزل مبارك عقب ذلك الترحل ، والدعاء لذلك يتضمن سؤال سلامة من غرق السفينة . وهذا كالمحامد التي يعلمها الله محمدا صلى الله عليه وسلم يوم الشفاعة ، فيكون في ذلك التعليم إشارة إلى أنه سيتقبل ذلك منه .
وجملة وأنت خير المنزلين في موضع الحال . وفيها معنى تعليل سؤاله ذلك .
[ ص: 48 ] وقرأ الجمهور ( منزلا ) بضم الميم وفتح الزاي وهو اسم مفعول من ( أنزله ) على حذف المجرور ، أي : منزلا فيه . ويجوز أن يكون مصدرا ، أي : إنزالا مباركا . والمعنيان متلازمان . وقرأه أبو بكر عن عاصم بفتح الميم وكسر الزاي ، وهو اسم لمكان النزول .