كان أمر زكرياء الذي أشار إليه قوله إذ نادى ربه آية من آيات الله في عنايته بأوليائه المنقطعين لعبادته فخص بالذكر لذلك . والقول في عطف ( وزكرياء ) كالقول في نظائره السابقة . وجملة رب لا تذرني فردا مبينة لجملة نادى ربه . وأطلق الفرد على من لا ولد له تشبيها له بالمنفرد الذي لا قرين له . قال تعالى وكلهم آتيه يوم القيامة فردا ، ويقال مثله : الواحد للذي لا رفيق له ، قال : الحارث بن هشام
وعلمت أني إن أقاتـل واحـدا أقتل ولا يضرر عدوي مشهدي
فشبه من لا ولد بالمفرد ؛ لأن الولد يصير أباه كالشفع لأنه كجزء منه . ولا يقال لذي الولد زوج ولا شفع . وجملة وأنت خير الوارثين ثناء لتمهيد الإجابة ، أي أنت الوارث الحق فاقض علي من صفتك العلية شيئا . وقد شاع في الكتاب والسنة ذكر صفة من صفات الله عند سؤاله إعطاء ما هو من جنسها ، كما قال أيوب وأنت أرحم الراحمين ، ودل ذكر ذلك على أنه سأل الولد لأجل أن يرثه كما في آية سورة مريم يرثني ويرث من آل يعقوب حذفت هاته الجملة لدلالة المحكي هنا عليها . والتقدير : يرثني الإرث الذي لا يداني إرثك عبادك ، أي بقاء ما تركوه في الدنيا لتصرف قدرتك ، أو يرثني مالي وعلمي وأنت ترث نفسي [ ص: 136 ] كلها بالمصير إليك مصيرا أبديا فإرثك خير إرث لأنه أشمل وأبقى وأنت خير الوارثين في تحقق هذا الوصف .
وإصلاح زوجه : جعلها صالحة للحمل بعد أن كانت عاقرا وتقدم ذكر زكرياء في سورة آل عمران وذكر زوجه في سورة مريم .